وأرشد مما كان عند الأسلاف، وحيث أفلس المترفون من كل دليل أو حجة، وأصروا على التقليد الباطل، انتقم الله منهم فصاروا مضرب الأمثال، كما تحكي هذه الآيات الشريفات:
[سورة الزخرف (٤٣) : الآيات ١٥ الى ٢٥]
وَجَعَلُوا لَهُ مِنْ عِبادِهِ جُزْءاً إِنَّ الْإِنْسانَ لَكَفُورٌ مُبِينٌ (١٥) أَمِ اتَّخَذَ مِمَّا يَخْلُقُ بَناتٍ وَأَصْفاكُمْ بِالْبَنِينَ (١٦) وَإِذا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِما ضَرَبَ لِلرَّحْمنِ مَثَلاً ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ (١٧) أَوَمَنْ يُنَشَّؤُا فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصامِ غَيْرُ مُبِينٍ (١٨) وَجَعَلُوا الْمَلائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبادُ الرَّحْمنِ إِناثاً أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ سَتُكْتَبُ شَهادَتُهُمْ وَيُسْئَلُونَ (١٩)
وَقالُوا لَوْ شاءَ الرَّحْمنُ ما عَبَدْناهُمْ ما لَهُمْ بِذلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ (٢٠) أَمْ آتَيْناهُمْ كِتاباً مِنْ قَبْلِهِ فَهُمْ بِهِ مُسْتَمْسِكُونَ (٢١) بَلْ قالُوا إِنَّا وَجَدْنا آباءَنا عَلى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلى آثارِهِمْ مُهْتَدُونَ (٢٢) وَكَذلِكَ ما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلاَّ قالَ مُتْرَفُوها إِنَّا وَجَدْنا آباءَنا عَلى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلى آثارِهِمْ مُقْتَدُونَ (٢٣) قالَ أَوَلَوْ جِئْتُكُمْ بِأَهْدى مِمَّا وَجَدْتُمْ عَلَيْهِ آباءَكُمْ قالُوا إِنَّا بِما أُرْسِلْتُمْ بِهِ كافِرُونَ (٢٤)
فَانْتَقَمْنا مِنْهُمْ فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ (٢٥)
«١» «٢» «٣» «٤» [الزخرف: ٤٣/ ١٥- ٢٥].
هذه ألوان من تناقضات المشركين وأباطيلهم، فإنهم على الرغم من إقرارهم بألوهية الله وأنه خالق الأرض والسماء، نسبوا له من عباده ولدا، فقالوا: الملائكة بنات الله، إن الإنسان جحود نعمة ربه، بيّن الجحود، والجحود من أبين الكذب، وقوله: إِنَّ الْإِنْسانَ لَكَفُورٌ أتى بلفظ الجنس العام، والمراد: بعض الإنسان، وهو هؤلاء المشركون الجاعلون الملائكة بنات الله. وجحودهم بهذا السخف الخالي من الحجة، فالله هو خالق كل شيء، فكيف ينسب إليه شيء من مخلوقاته؟ وذلك
(٢) ممتلئ غيظا.
(٣) يحدسون ويكذبون.
(٤) أي طريقة ومذهب.