كل ما تشتهيه الأنفس من الألبسة والمسموعات، وكل ما تهواه النفوس، وتلذ به الأعين من اللذائذ والمشاهد المادية والمعنوية، ففيها ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، وهم فيها ماكثون على الدوام.
وسبب هذا الجزاء: أن تلك الجنة صارت لكم كالميراث، لما قدمتموه من العمل الصالح في الدنيا، وليس المعنى أن الأعمال أوجبت على الله إدخالهم الجنة، وإنما المعنى أن حظوظهم فيها على قدر أعمالهم، وأما دخول الجنة نفسه فبفضل الله ورحمته.
ولكم في الجنة غير الطعام والشراب فاكهة كثيرة الأنواع، تأكلون منها مهما شئتم، كلما قطفتم ثمرة تجدد لكم أخرى. هذا حال أهل الجنة وما يقال لهم.
ثم ذكر الله بعدئذ حال الكفرة من الخلود في النار، واليأس من الخروج منها، ليتبين الفرق وتتضح الأمور، فإن المجرمين (أي الكافرين) يخلدون في عذاب النار على الدوام، ولا يخفف عنهم العذاب فترة ليستريحوا منه، وهم مبعدون آيسون من الخير ومن النجاة، قائمون في جهنم إلى الأبد.
وذلك لأن الله تعالى لم يظلمهم، أي لم يعذبهم بغير ذنب، ولا يزيد في عذابهم، ولكنهم ظلموا أنفسهم بما ارتكبوا من الذنوب، وبما عملوا من السيئات.
ونادى هؤلاء الظالمون: يا مالك (وهو خازن النار) ليمتنا الله مدة، حتى لا يتكرر عذابنا، فيقال لهم: إنكم ماكثون، أي مقيمون في العذاب، لا خروج لكم من النار. وجواب مالك هذا: إما بعد ألف سنة كما قال ابن عباس أو بعد ثمانين أو أربعين سنة. ونظير الآية كثير مثل: لا يُقْضى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذابِها [فاطر: ٣٥/ ٣٦].
وسبب العقاب: لقد بيّنا لكم الحق، وأرسلنا إليكم الرسل، وكان أكثركم، أي