ورحمة من الله قال: إنا سنرفع عنكم العذاب زمانا قليلا، لكنكم راجعون إلى الشّرك، وقد رجعوا فعلا، وإنكم مؤجّلو العذاب الشديد والانتقام الأشد في يوم القيامة، إننا نعاقب هؤلاء الكفار حينئذ.
قال البخاري في تتمة الحديث السابق: فلما أصابتهم الرفاهية، عادوا إلى حالهم، فأنزل الله: يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرى.. فانتقم الله منهم يوم بدر.
الاعتبار بقوم فرعون
كان القرشيون أشداء مستكبرين، وأباة أسيادا بين العرب، فلفت القرآن الكريم أنظارهم إلى أن الله تعالى أهلك من هو أشد منهم قوة وبأسا، ومنهم قوم فرعون، الذين أغرقهم الله مع مليكهم بسبب جحودهم وإجرامهم وتكذيبهم رسولهم، مما يوجب عليهم الاعتبار والاتعاظ، والإدراك بأن أموال الظالمين وثرواتهم آلت إلى من بعدهم، ونجى الله المؤمنين بحق برسالة موسى عليه السّلام، وأنزل التوراة على رسولهم موسى، ليعملوا بأحكامها وشرائعها، ويشكروا نعم الله التي أنعم بها عليهم، وجعلهم مناط ابتلاء أو اختبار، قال الله تعالى واصفا هذه الأحوال:
[سورة الدخان (٤٤) : الآيات ١٧ الى ٣٣]
وَلَقَدْ فَتَنَّا قَبْلَهُمْ قَوْمَ فِرْعَوْنَ وَجاءَهُمْ رَسُولٌ كَرِيمٌ (١٧) أَنْ أَدُّوا إِلَيَّ عِبادَ اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ (١٨) وَأَنْ لا تَعْلُوا عَلَى اللَّهِ إِنِّي آتِيكُمْ بِسُلْطانٍ مُبِينٍ (١٩) وَإِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ أَنْ تَرْجُمُونِ (٢٠) وَإِنْ لَمْ تُؤْمِنُوا لِي فَاعْتَزِلُونِ (٢١)
فَدَعا رَبَّهُ أَنَّ هؤُلاءِ قَوْمٌ مُجْرِمُونَ (٢٢) فَأَسْرِ بِعِبادِي لَيْلاً إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ (٢٣) وَاتْرُكِ الْبَحْرَ رَهْواً إِنَّهُمْ جُنْدٌ مُغْرَقُونَ (٢٤) كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (٢٥) وَزُرُوعٍ وَمَقامٍ كَرِيمٍ (٢٦)
وَنَعْمَةٍ كانُوا فِيها فاكِهِينَ (٢٧) كَذلِكَ وَأَوْرَثْناها قَوْماً آخَرِينَ (٢٨) فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ وَالْأَرْضُ وَما كانُوا مُنْظَرِينَ (٢٩) وَلَقَدْ نَجَّيْنا بَنِي إِسْرائِيلَ مِنَ الْعَذابِ الْمُهِينِ (٣٠) مِنْ فِرْعَوْنَ إِنَّهُ كانَ عالِياً مِنَ الْمُسْرِفِينَ (٣١)
وَلَقَدِ اخْتَرْناهُمْ عَلى عِلْمٍ عَلَى الْعالَمِينَ (٣٢) وَآتَيْناهُمْ مِنَ الْآياتِ ما فِيهِ بَلؤُا مُبِينٌ (٣٣)
«١» «٢» «٣» «٤»
(٢) ترموني بالحجارة أو تؤذوني.
(٣) سر ليلا. [.....]
(٤) أي ساكنا كما هو، مفتوحا.