- ٢- العاق لوالديه
الموازنة أو المقارنة بين الأضداد تظهر الفوارق، وتحمل الإنسان على تبين الاتجاه الأفضل، وترك التوجه الأدنى أو الأسوأ. فإذا كان البارّ بوالديه يتبوأ عند الله المنزلة العالية، ويرضى عنه، ويدخله جنته، فإن العاق لوالديه، في غضب الله وسخطه، وتعرضه لعذاب النار، وتحقق خسارته.
وقد أنزل الله تعالى آيات تفيد العموم في حال البارّ والعاقّ، ولم يصح كون آيات العقوق نزلت في عبد الرحمن بن أبي بكر، بدليل قول عائشة رضي الله عنها: والله ما نزل في آل أبي بكر من القرآن غير براءتي، وإني لأعرف فيمن نزلت هذه الآية:
وَالَّذِي قالَ لِوالِدَيْهِ وهذه هي الآيات الآتية في العاق لوالديه:
[سورة الأحقاف (٤٦) : الآيات ١٧ الى ٢٠]
وَالَّذِي قالَ لِوالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُما أَتَعِدانِنِي أَنْ أُخْرَجَ وَقَدْ خَلَتِ الْقُرُونُ مِنْ قَبْلِي وَهُما يَسْتَغِيثانِ اللَّهَ وَيْلَكَ آمِنْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَيَقُولُ ما هذا إِلاَّ أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ (١٧) أُولئِكَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنَّهُمْ كانُوا خاسِرِينَ (١٨) وَلِكُلٍّ دَرَجاتٌ مِمَّا عَمِلُوا وَلِيُوَفِّيَهُمْ أَعْمالَهُمْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ (١٩) وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ أَذْهَبْتُمْ طَيِّباتِكُمْ فِي حَياتِكُمُ الدُّنْيا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِها فَالْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذابَ الْهُونِ بِما كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِما كُنْتُمْ تَفْسُقُونَ (٢٠)
«١» «٢» «٣» «٤» [الأحقاف: ٤٦/ ١٧- ٢٠].
قال ابن عطية: الأصوب أن تكون هذه الآية في أهل هذه الصفات، ولم يقصد بها عبد الرحمن بن أبي بكر ولا غيره من المؤمنين، والدليل القاطع على ذلك قوله تعالى: أُولئِكَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمْ وكان عبد الرحمن
(٢) أباطيلهم التي سطروها في الكتب.
(٣) الهوان والذل.
(٤) تخرجون عن طاعة الله.