النار، فبكى عدي رضي الله عنه وولّى، فدعاه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فقال له: أبي وأبوك
وأبو إبراهيم خليل الرحمن في النار، ونزلت هذه الآية في ذلك، وظاهر الآية العموم في كل ما تناولته الصفة. ونظيرها آية: إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ [النساء: ٤/ ٤٨].
ثم أمر الله تعالى المؤمنين بترك مسالمة الأعداء، وهم في حال قوة، فلا تضعفوا عن القتال أيها المؤمنون، ولا تدعوا الكفار إلى الصلح والمسالمة ابتداء منكم، وإظهارا للعجز والضعف، ولا مانع من قبول السلم إذا مال إليه الأعداء، أما في حال كونكم أنتم الغالبون القاهرون، فلا تبدؤوهم بطلب الصلح، والله معكم، بالنصر والمعونة عليهم، ولن ينقصكم شيئا من ثواب أعمالكم أو جزائها. وقوله تعالى: وَاللَّهُ مَعَكُمْ فيه بشارة بالنصر على الأعداء. فأما إن كان الكفار أقوى من المسلمين، ورأى الإمام في المهادنة والمعاهدة مصلحة، فله أن يفعل ذلك، كما فعل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم حين صدّه كفار قريش عن مكة. وعملا بقوله تعالى: وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَها [الأنفال: ٨/ ٦١]. فقوله: وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ في موضع الحال، أي وأنتم الغالبون والظاهرون.
واحرصوا أيها المؤمنون على جهاد الأعداء، واسترخصوا الحياة الدنيا واطلبوا الآخرة، توهب لكم الحياة، فإن حياة الدنيا لعب ولهو، أي باطل وغرور، لا ثبات له ولا قيمة له، وهذا تحقير لأمر الدنيا، أي فلا تهنوا في الجهاد بسببها. وإن تؤمنوا بالله ورسوله حق الإيمان، وتتقوا ربكم حق التقوى، بأداء فرائضه، واجتناب نواهيه، يؤتكم ثواب أعمالكم وطاعاتكم في الآخرة، ولا يطالبكم بالتصدق أو الزكاة بجميع أموالكم، بل يطالبكم بإخراج القليل منها.
وسبب الحرص على الدنيا: أن ربكم إن يطلب أموالكم كلها، ويلح في الطلب عليكم، تشحوا وتبخلوا، وتمتنعوا من الامتثال.