يعذب أو يفني بما به البقاء والوجود، من عناصر الحياة الأربعة: وهي التراب والماء والهواء والنار، فعذب الله قوم لوط بالتراب، وعذّب قوم نوح وقوم فرعون بالماء أو الإغراق في البحر، وعذب قوم عاد بالريح الشديدة العاتية (الهواء) وعذب قبيلة ثمود بالنار الصاعقة النازلة من السماء، ولا يقتصر الأمر على هذه النماذج، فالله قادر على كل شيء، وابتكار أصناف أخرى من العذاب، ردعا للظالمين، وتمكينا لهم من التوبة والعدول عن موجبات العذاب.
وهكذا حكم الله وسنته مع جميع الأمم والأقوام والأفراد والجماعات، ولن تجد لسنة الله تبديلا أو تحويلا.
إثبات التوحيد وإنذار المكذبين
بعد بيان مصائر الأقوام الغابرين المكذبين برسالات رسلهم، والمنكرين وحدانية الله تعالى، أورد الله سبحانه بعض الأدلة القاطعة الدالة على توحيده وقدرته، وأنذر المشركين المعاندين في بطاح مكة وما حولها من عبدة الأصنام، حتى لا ينالهم مثل عذاب من تقدمهم، وكأن التكذيب للرسل شيء موصول بين الناس، فإذا أرادوا الخير لأنفسهم والنجاة من مثل ذلك العذاب المتقدم، فليس عليهم إلا الإقرار بوجود الله ووحدانية الذات الإلهية، وعبادته وحده، فإن أصروا على موقفهم، فإن العذاب واقع بهم حتما، كما جاء في الآيات الآتية:
[سورة الذاريات (٥١) : الآيات ٤٧ الى ٦٠]
وَالسَّماءَ بَنَيْناها بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ (٤٧) وَالْأَرْضَ فَرَشْناها فَنِعْمَ الْماهِدُونَ (٤٨) وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (٤٩) فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ (٥٠) وَلا تَجْعَلُوا مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ (٥١)
كَذلِكَ ما أَتَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ قالُوا ساحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ (٥٢) أَتَواصَوْا بِهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ طاغُونَ (٥٣) فَتَوَلَّ عَنْهُمْ فَما أَنْتَ بِمَلُومٍ (٥٤) وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ (٥٥) وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ (٥٦)
ما أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَما أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ (٥٧) إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ (٥٨) فَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذَنُوباً مِثْلَ ذَنُوبِ أَصْحابِهِمْ فَلا يَسْتَعْجِلُونِ (٥٩) فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ يَوْمِهِمُ الَّذِي يُوعَدُونَ (٦٠)
«١» «٢» «٣»

(١) بقوة ومقدرة.
(٢) لقادرون على خلقها وخلق غيرها. [.....]
(٣) فروا إلى ثواب الله ورضاه بتوحيده وعبادته.


الصفحة التالية
Icon