كنتم تقولون لرسل الله المرسلة ولكتبه المنزلة؟ بل إنه الحق، ولكنكم أنتم عمي وعن هذا، كما كنتم عميا عن الحق في الدنيا، والواقع: أن المرئي حق، ولا عمى في البصر.
ومما يقال لهم كذلك تيئيسا لهم وقطعا لرجائهم: ادخلوا النار وتلظوا بحرها، وقاسوا شدائدها، سواء صبرتم عليها أم لم تصبروا، فلا ينفعكم شيء، وعذابكم حتم، جزعتم أم صبرتم، فلا بد من جزاء أعمالكم، والجزاء بالعمل كائن، خيرا أو شرا، كان الصبر أو الجزع، لا محيد لكم عن النار، ولا خلاص لكم منها، ولا يظلم ربك أحدا، بل يجازي كل إنسان بعمله.
هذه أخبار موجعة مؤلمة، تدل على تطبيق مبدأ الحق والعدل، كما تدل على القدرة الإلهية الشاملة، وعلى إثبات يوم الحساب، وما يستتبعه من ثواب أو عقاب، وعلى إمكان البعث.
فالعاقل الذي يريد الخير لنفسه وإسعاد ذاته، يبادر إلى الإيمان بما أخبر الله تعالى به من الغيبيات الأخروية، ومن آمن بشيء بذل كل جهده في التوصل إلى مآربه، والظفر برضوان الله تعالى، فيكون الإيمان بيوم البعث دافعا إلى الخير والعمل الصالح، ومحذّرا من الشر والمنكر والعمل الضار.
وغير العاقل عقلا واعيا يسير على وفق هواه وشهواته، ولا يأبه بهذه المواعظ والزواجر، وتراه مضطرب النفس في الدنيا، حائرا تائها في مسيرة الحياة، وفي الآخرة أشد توجعا وقلقا، ويأسا، وندما، فهو يجني حصاد ما قدم في دنياه، ويلقى المصير المناسب لعمله.


الصفحة التالية
Icon