إن هذه النعم المادية لا شك في أهميتها والحاجة إليها، لكن أعظم نعمة وأول نعمة وأخلدها وأجدها هي نعمة القرآن، كما افتتحت بها السورة، وكما وصف هذا الكتاب في آية أخرى مثل: وَنَزَّلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ تِبْياناً لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدىً وَرَحْمَةً وَبُشْرى لِلْمُسْلِمِينَ [النحل: ١٦/ ٨٩]. ومثل: وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ ما هُوَ شِفاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَساراً (٨٢) [الإسراء: ١٧/ ٨٢].
نعم إلهية أخرى
يذكّرنا الله تعالى بنعمه على الدوام، ليدلنا على قدرته العظمى ووحدانيته الخالدة، فهو سبحانه خلق الإنسان في أصله من الطين اليابس، وخلق أصل الجن من النار، وهو رب المشارق والمغارب، وهو الذي حجز بين البحرين: العذب والملح، وسيّر السفن في أعالي البحار، وأعد كل ذلك لخير الإنسان ما دام في الحياة، ثم يفنى كل شيء، ويبقى الله ذو الجلال والعظمة والإكرام. وهذا ما نصت عليه الآيات الآتية:
[سورة الرحمن (٥٥) : الآيات ١٤ الى ٢٨]
خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ صَلْصالٍ كَالْفَخَّارِ (١٤) وَخَلَقَ الْجَانَّ مِنْ مارِجٍ مِنْ نارٍ (١٥) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (١٦) رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ (١٧) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (١٨)
مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيانِ (١٩) بَيْنَهُما بَرْزَخٌ لا يَبْغِيانِ (٢٠) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٢١) يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجانُ (٢٢) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٢٣)
وَلَهُ الْجَوارِ الْمُنْشَآتُ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلامِ (٢٤) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٢٥) كُلُّ مَنْ عَلَيْها فانٍ (٢٦) وَيَبْقى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالْإِكْرامِ (٢٧) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٢٨)
«١» «٢» «٣» «٤» «٥» [الرحمن: ٥٥/ ١٤- ٢٨].
(٢) لهب خالص لا دخان فيه. [.....]
(٣) أرسلهما.
(٤) حاجز بين الأشياء.
(٥) السفن الرافعات الشرع في البحر لتتحرك بالهواء كالجبال ونحوها من المرتفعات.