وأصحاب الشمال: هم الذين يتناولون كتبهم بشمائلهم، ويساقون إلى النار، فما أسوأ حالهم وأتعسهم!! والسابقون من كل أمة إلى الإيمان والطاعة والجهاد وأعمال البر، وهم: الأنبياء والرّسل عليهم السّلام، والشهداء والصّديقون، والقضاة العدول، ونحوهم، إنهم السابقون إلى الجنة والرحمة، وهم المقرّبون إلى جزيل ثواب الله وعظيم كرامته والمقرّبون من الله تعالى في جنّة عدن، والمقيمون إلى الأبد في جنات النعيم.
وقوله: أُولئِكَ تدلّ على علو مكانتهم. وقوله: وَالسَّابِقُونَ مبتدأ، ووَ السَّابِقُونَ الثاني خبر على مذهب سيبويه، وجملة أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ (١١) مبتدأ وخبر، استئناف بياني. وقال بعض النّحويين: وَالسَّابِقُونَ الثاني: نعت للأول، وجملة أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ (١١) على هذا القول: في موضع الخبر.
وهذه الآية تتضمن أن العالم يوم القيامة ثلاثة أصناف: مؤمنون هم على يمين العرش، وهنالك الجنة، وكافرون وهم على شمال العرش، وهنالك النار. والسابقون إلى الإيمان والطاعة وهم عند الله تعالى في جنة عدن، أو في الفردوس أعلى الجنان وهي أعلى منازل البشر في الآخرة. ذكر الله تعالى أصحاب الميمنة متعجبا منهم في سعادتهم، وأصحاب المشأمة متعجبا منهم في شقاوتهم، ثم ذكر السابقين مثبتا حالهم، فأخبر أنهم نهاية في العظمة والسعادة.
والقول في يمين العرش وشماله أمر تقديري، كالقول في يمين الكهف وشماله في آية:
وَتَرَى الشَّمْسَ إِذا طَلَعَتْ تَتَزاوَرُ عَنْ كَهْفِهِمْ ذاتَ الْيَمِينِ وَإِذا غَرَبَتْ تَقْرِضُهُمْ ذاتَ الشِّمالِ [الكهف: ١٨/ ١٧] بأن تقدر باب الكهف بمثابة وجه إنسان، فإن الشمس تجيء منه أول النهار عن يمين، وآخره عن شمال.
والسابقون: هم الذين سبقت لهم السعادة، وكانت أعمالهم في الدنيا سبقا إلى