وصاع «١» من تمر أو شعير كالفطرة، ومدّ وثلثان من القمح إن اقتاتوه عند المالكية، ومدّ من قمح أو نصف صاع من تمر أو شعير عند الشافعية والحنابلة. والطعام: هو غالب قوت البلد. ومن العلماء من يرى إطعام مدّ بمدّ النّبي صلّى الله عليه وسلّم.
ذلك الترخيص والتسهيل من النقل من تحرير رقبة إلى الصوم والإطعام، وتشريع الكفارة بسبب الظّهار، لتصدقوا بشرع الله وأمره، وتلك حدود الله، فالتزموها وقفوا عندها، وللكافرين المتجاوزين حدود الشرع عذاب مؤلم شديد على كفرهم، وهو نار جهنم، وعذاب في الدنيا، وهذا وعيد وتهديد.
وعيد المعادين لله ورسوله
امتدح الله تعالى بعد آيات الظّهار المؤمنين الواقفين عند حدود الله، ثم أتبعه بوعيد المعادين لأمر الله ورسوله بالإهانة في الدنيا، والعذاب الشديد في الآخرة، إذ لا تخفى على الله خافية منهم، أو حال من أحوالهم في السّر والعلن، وسوف ينبئهم الله بأفعالهم يوم القيامة والحساب، ويجازيهم على ما قدّموا من أعمال. فنزلت هذه الآيات في شأنهم، وهم المنافقون وقوم من اليهود كانوا في المدينة يحتكّون بالنّبي صلّى الله عليه وسلّم، وينتظرون به وبالمؤمنين الشّر، ويدبّرون المؤامرات، ويتمنون فيهم المكروه، ويتناجون بذلك، نزلت هذه الآيات بهم إلى آخر النجوى:
[سورة المجادلة (٥٨) : الآيات ٥ الى ٧]
إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ كُبِتُوا كَما كُبِتَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَقَدْ أَنْزَلْنا آياتٍ بَيِّناتٍ وَلِلْكافِرِينَ عَذابٌ مُهِينٌ (٥) يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُهُمْ بِما عَمِلُوا أَحْصاهُ اللَّهُ وَنَسُوهُ وَاللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (٦) أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ ما يَكُونُ مِنْ نَجْوى ثَلاثَةٍ إِلاَّ هُوَ رابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلاَّ هُوَ سادِسُهُمْ وَلا أَدْنى مِنْ ذلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلاَّ هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ ما كانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِما عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (٧)
«٢» «٣» «٤» «٥» «٦»
(٢) أي يعادون ويشاقون.
(٣) أهينوا وذلّوا.
(٤) أدلة وعلامات واضحات تدلّ على صدق النّبي صلّى الله عليه وسلّم.
(٥) ذو إهانة وإذلال.
(٦) مطّلع لا يغيب عنه شيء.