والودّ واحترام الآخرين. وكل ذلك لإشعار المسلمين أنهم في الواقع إخوة أمناء وأحبّاء، وصف واحد أمام الأعداء، حديثهم واضح لا غش فيه، ومجلسهم قائم على المساواة وتبادل الاحترام، وكان في صدر الإسلام الأمر بالتصدّق قبل مكالمة النّبي صلّى الله عليه وسلّم توقيرا له وتعظيما، ثم رفع ذلك، دفعا للحرج وتيسيرا على جميع المؤمنين.
وهذا مقرر في الآيات الآتية:
[سورة المجادلة (٥٨) : الآيات ١١ الى ١٣]
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ وَإِذا قِيلَ انْشُزُوا فَانْشُزُوا يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجاتٍ وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (١١) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ناجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقَةً ذلِكَ خَيْرٌ لَكُمْ وَأَطْهَرُ فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (١٢) أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقاتٍ فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتابَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ (١٣)
«١» «٢» «٣» [المجادلة: ٥٨/ ١١- ١٣].
قال زيد بن أسلم وقتادة: نزلت (آية الأمر بالتّفسح) بسبب تضايق الناس في مجلس النّبي صلّى الله عليه وسلّم وذلك أنهم كانوا يتنافسون في القرب منه وسماع كلامه والنظر إليه، فيأتي الرجل الذي له الحق والسّن والقدم (التقدم) في الإسلام، فلا يجد مكانا، فنزلت الآية بسبب ذلك.
يا أيها المصدّقون بالله ورسوله، إذا طلب منكم التوسع في المواضع أو المجالس، فليفسح بعضكم لبعض، وليوسع أحدكم للآخر، يوسع الله لكم في جنته ورحمته.
فالسّنة المندوب إليها هي التفسّح،
أخرج البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي
(٢) انهضوا أو ارتفعوا وتنحّوا عن مواضعكم للتوسعة على القادمين.
(٣) أخفتم الفقر من ذلك؟