لهم، لن يغفر الله لهم لإصرارهم على الكفر والنفاق، ولا يجديهم الاستغفار شيئا، ما داموا على النفاق، إن الله لا يوفق الخارجين عن الطاعة، المنهمكين في المعاصي، المظهرين خلاف ما يبطنون، والله لا يغفر لهم دون حدّ في الاستغفار، وذلك ناسخ في رأي بعضهم لآية الاستغفار سبعين مرة «١» بدليل
حديث: «لو علمت أني لو زدت غفر لهم» «٢».
أخرج ابن جرير عن عروة قال: لما نزلت اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ [التّوبة: ٩/ ٨٠]. قال النّبي صلّى الله عليه وسلّم: «لأزيدن على السبعين» فأنزل الله: سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ «٣» لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ الآية.
وقد حاول عبد الله بن أبي أثناء خروجه لغزوة بني المصطلق إيقاع الفتنة بين المهاجرين لسبقهم إلى ماء بلغوا إليه، وبين الأنصار،
فخرج رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فقال:
«ما بال دعوى الجاهلية؟» فلما أخبر بالقصة قال: «دعوها فإنها منتنة».
من أسباب النّفاق
النّفاق مرض عضال خطير بالنسبة للأمة، لأنه يزعزع أوضاع الجبهة الداخلية أو ما يسمى حديثا بالوحدة الوطنية، أما بالنسبة للمنافقين فهو داء نابع من الجبن والسخف، وضعف الإدراك والملكات العقلية، لأن النفاق لا بد من أن يظهر أثره، ويفتضح شأن صاحبه. ولكن منافقي المدينة في الماضي انضمّ إلى نفاقهم استكبار أو استعلاء، وظنوا أن لهم قوة يتمكنون من تهديد بقية الأمّة، فأعرضوا عن الاعتذار ولم يوافقوا على طلب الاستغفار، وحجبوا المعاونة عن المهاجرين حتى يموتوا جوعا،
(٢) هذا على رأي مالك القائل بدليل الخطاب أي مفهوم المخالفة.
(٣) الهمزة للاستفهام في الأصل، واستعملت للتسوية، مجازا.