«١» «٢» [الطّلاق: ٦٥/ ٨- ١٢].
هذا وعيد لكل مخالف أمر الله تعالى، مكذب رسله، فكثير من أهل القرى عصوا أمر الله ورسله، ولم يقبلوا شرعه، وتكبروا وتمردوا، فحاسبها الله تعالى بأعمالها المعمولة في الدنيا ولم يغتفر لهم زلّة، بل أخذوا بالدقائق من الذنوب، وعذب أهلها عذابا مؤلما منكرا، في الآخرة، وأما في الدنيا فعذبهم بالجوع والقحط والخسف ونحو ذلك. وعبّر بالماضي في قوله: فَحاسَبْناها وَعَذَّبْناها عن المستقبل، للدلالة على التحقّق والوقوع، لوعيد الله.
وسبب العذاب: أن أولئك المعذبين لقوا عاقبة أمرهم وشؤم كفرهم، وكان مصيرهم الخسارة والهلاك والنكال في الدنيا، والعذاب في الآخرة.
وأعدّ الله لهم في الآخرة عذابا شديدا مؤلما، لكفرهم وتمرّدهم، وهو عذاب النار. فكان قوله تعالى: فَحاسَبْناها حِساباً شَدِيداً الظاهر أنه في الدنيا، بدليل قوله بعدئذ: أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ عَذاباً شَدِيداً الذي يبين خسران عاقبتهم، هو عذاب الآخرة.
ثم ندب الله تعالى أولي العقول إلى التقوى تحذيرا، وأمرهم بها صراحة، وذكّرهم بما يوجب التقوى أو العمل الصالح بنحو دائم، فاتقوا الله يا أولي الألباب (العقول) من هذه الأمة. الذين صدّقوا بالله ورسله، وأسلموا لله تعالى، وانقادوا لعظمته وحكمه، واتّبعوا رسولهم محمدا صلّى الله عليه وسلّم، فإن الله قد أنزل إليكم القرآن الكريم تذكرة دائمة، وأرسل لكم رسولا مذكّرا بهذا القرآن، فهو الترجمان الصادق، وهو الذي يبلّغكم وحي الله وشرعه، ويقرأ عليكم كلام الله وآياته في حال كونها بيّنة واضحة،

(١) جزاء حسنا.
(٢) أمر الله وقضاؤه.


الصفحة التالية
Icon