لأنها أداة العلم والمعرفة. وقوله تعالى: قَلِيلًا ما تَشْكُرُونَ إما تعبير عن قلّة الشكر، أو إرادة نفي الشكر جملة.
وبرهان رابع على كمال قدرة الله، قل أيها النّبي أيضا للمشركين: إن الله هو الذي خلقكم ووزعكم في الأرض على جهة التكاثر، مع اختلاف ألسنتكم ولغاتكم وألوانكم، ثم إليه تجمعون بعد هذا التفرق والتّشتت، فهو يجمعكم كما فرّقكم، ويعيدكم كما بدأكم، للحساب والجزاء. فالحشر المشار إليه في الآية: هو بعث القيامة.
إن أدلة إثبات القدرة الإلهية كثيرة، ذكر منها في هذه الآيات ثلاثة، وفي الآية السابقة عليها ذكر دليل آخر، فتكون الأدلة الأربعة: تمكين الطيور من التحليق في أجواء السماء، ومثلها وعلى نسقها اختراع الطائرات، وإمداد المخلوقات بالرزق من عند الله، دون غيره، وإيجاد المخلوقات، ومن أخصّها الإنسان، وتزويده بطاقات السمع والبصر والعقل، التي هي مفاتيح المعرفة والعلم والإبداع، وضمان تكاثر النوع الإنساني الموزع في أنحاء الأرض، مع اختلاف الألوان والأشكال، والألسنة واللغات، والعروق والأجناس، وكل قوم راضون بأوطانهم وديارهم، ومتمسكون بأراضيهم للحفاظ على وجودهم، ثم يجمعون يوم القيامة إلى الله في المحشر، لإقامة صرح العدالة، وإنصاف المظلومين من الظالمين، والمحسنين من المقصّرين أو المسيئين.
العالم بالقيامة وتهديد المنكرين لها
يوم القيامة أو البعث حق ثابت قطعا، لا شكّ فيه، ولكن العلم به وبوقته مختصّ بالله تعالى، ومهمة النّبي صلّى الله عليه وسلّم مجرد الإخبار والإنذار، وفي ذلك اليوم الرهيب يصطدم الكافرون بأهواله. وتمنّي الكافرين هلاك النّبي صلّى الله عليه وسلّم أمل خادع لا فائدة فيه، ولا يبدل