ثم دعوا ربّهم أن يعوّضهم خيرا عما حلّ بهم قائلين: لعل الله ربّنا أن يعطينا بدلا خيرا من جنّتنا، فإنّا متضرّعون متّجهون إليه، راجون العفو والخير منه.
ثم هناك ابتداء مخاطبة للنّبي صلّى الله عليه وسلّم في أمر قريش في قوله تعالى: كَذلِكَ الْعَذابُ أي مثل ذلك العذاب الذي نزل بالجنّة: العذاب الذي ينزل بقريش بغتة، وهو عذاب كل من خالف أمر الله، وعذاب الآخرة أشد وأعظم من عذاب الدنيا، فلو كان المشركون يعلمون ذلك، لعادوا إلى رشدهم، وبادروا إلى الإيمان برسالة النّبي محمد صلّى الله عليه وسلّم. وهذا دليل على غفلتهم وجهلهم. قال كثير من المفسّرين: العذاب النازل بقريش المماثل لأمر الجنة: هو الجدب الذي أصابهم سبع سنين، حتى رأوا الدخان، وأكلوا الجراد.
انتفاء المساواة بين الطائعين والعصاة
حذر القرآن الكريم الكافرين من عذاب الدنيا والآخرة، ووعد الله المتقين بجنات النعيم، والجزاء حق وعدل للفريقين، ولا يعقل بل ولا تقرّ العدالة التساوي بين طائع وعاص، ومؤمن ومجرم، وكيف يحكم عاقل بالمساواة بينهما، من غير منطق، ولا كتاب إلهي، ولا وعد من الله تعالى، ولا من الشركاء المزعومين الذين لا وجود لهم، وهذا ما قررته الآيات الآتية:
[سورة القلم (٦٨) : الآيات ٣٤ الى ٤٣]
إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ (٣٤) أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ (٣٥) ما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ (٣٦) أَمْ لَكُمْ كِتابٌ فِيهِ تَدْرُسُونَ (٣٧) إِنَّ لَكُمْ فِيهِ لَما تَخَيَّرُونَ (٣٨)
أَمْ لَكُمْ أَيْمانٌ عَلَيْنا بالِغَةٌ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ إِنَّ لَكُمْ لَما تَحْكُمُونَ (٣٩) سَلْهُمْ أَيُّهُمْ بِذلِكَ زَعِيمٌ (٤٠) أَمْ لَهُمْ شُرَكاءُ فَلْيَأْتُوا بِشُرَكائِهِمْ إِنْ كانُوا صادِقِينَ (٤١) يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ ساقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلا يَسْتَطِيعُونَ (٤٢) خاشِعَةً أَبْصارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ وَقَدْ كانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَهُمْ سالِمُونَ (٤٣)
«١» «٢» «٣» «٤»

(١) كيف نجعل المسلمين كالمجرمين في الدرجة والمنزلة في الجنان؟
(٢) تقرؤون بعناية.
(٣) مغلظة مؤكدة.
(٤) كفيل وضامن.


الصفحة التالية
Icon