برسالة النّبي صلّى الله عليه وسلّم: كنا قبل استماع القرآن، منا المؤمنون الأبرار الصالحون، ومنا دون ذلك، أي غير صالحين أو كافرين، كنا جماعات متفرقة، وذوي سير أو مذاهب مختلفة، أي إنهم أقسام، فمنهم المؤمن، ومنهم الفاسق، ومنهم الكافر، كحال الإنس تماما.
و (الطرائق)، السّير المختلفة، و (القدد) كذلك هي الأشياء المختلفة، كأنه قد قدّ بعضها من بعض، وفصل. وقال ابن عباس وعكرمة وقتادة: طَرائِقَ قِدَداً أهواء مختلفة.
وأننا علمنا أن قدرة الله حاكمة علينا، وأنا لا نفلت من قدرة الله ولا نفوته إن طلبنا وأراد بنا أمرا، سواء كنا كائنين في الأرض أو هاربين منه إلى السماء، فإنه علينا قادر، لا يعجزه أحد منا. والظن في الآية: بمعنى العلم.
- وأننا لما سمعنا الهدى وهو القرآن، صدّقنا أنه من عند الله، ولم نكذب به، كما كذبت به كفرة الإنس، فمن يصدق بربّه وبما أنزله على رسله، فلا يخاف نقصانا من حسناته، ولا عدوانا وظلما وطغيانا بالزيادة في سيئاته. والبخس: النقص نقص الحسنات. والرّهق: الزيادة في السيئات.
وأن بعضنا مؤمنون مطيعون لربّهم، يعملون الصالحات، وبعضنا جائرون ظالمون حادوا عن طريق الحق والخير ومنهج الإيمان الواجب. فمن آمن بالله، وأسلم وجهه لله بطاعة شريعته، فأولئك طلبوا باجتهادهم طريق الرشاد والسعادة، وطلبوا لأنفسهم النجاة من العذاب، وهذا ثواب المؤمنين. وأما الجائرون الحائدون عن منهج الإسلام، فكانوا وقودا للنار، توقد أو تسعّر، كما توقد بكفرة الإنس.
ويلاحظ الفرق بين الكلمتين، فالقاسط: الجائر عن الحق، الظالم، أما المقسط: فهو القائم بالعدل، من أقسط، أي عدل.
ثم أوحى الله لنبيّه أنه لو استقام الجنّ والإنس على طريقة الإسلام، لأسقيناهم ماء كثيرا، ولآتيناهم خيرا كثيرا واسعا، لنعاملهم معاملة المختبر، فنعلم كيف شكرهم


الصفحة التالية
Icon