والنّهي عن جميع ذلك، لأنه القدوة الحسنة العليا، ولا يعني أنه يرتكب شيئا منها، وإنما يراد به تدوين مبدأ إسلامي عام هو هجر الوثنية، والدوام على الهجران.
ولا تمنن على أصحابك وغيرهم بتبليغ الوحي، مستكثرا ذلك عليهم، وإذا أعطيت أحدا شيئا من الأعطيات، فأعطها لوجه الله تعالى، ولا تمنّ بعطيتك على الناس، ولا تعط عطاء لتعطى أكثر منه. وقال مجاهد: المعنى لا تضعف من الاستكثار من الخير، أو مما حمّلناك من أعباء الرسالة.
- واجعل صبرك على أذاهم لوجه ربّك عزّ وجلّ وطلب رضاه، فإنك حملت أمرا عظيما، ستحاربك العرب والعجم عليه، فاصبر على هذا الأمر لوجه الله، واصبر أيضا على طاعة الله وعبادته.
- اصبر على أذى قومك وغيرهم من الكفار، وعلى العبادة، وعن الشهوات، وعلى تكاليف النّبوة، فعاقبة الصبر منك النصر والفرج، وأمام الكفار يوم هائل يلقون فيه عاقبة أمرهم، فإذا نفخ في الصور النفخة الثانية للبعث من القبور، فوقت النقر يومئذ يوم شديد جدّا على الكفار، غير سهل عليهم. والناقور: الذي ينفخ فيه، وهو الصّور. ويوم عسير: فيه عسر في الأمور الجارية على الكفار، فوصف الله تعالى اليوم بالعسر، لكونه ظرف زمان له، وكذلك تجيء صفته باليسر.
أخرج ابن أبي حاتم، وابن أبي شيبة وأحمد عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله تعالى: فَإِذا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ (٨) قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «كيف أنعم، وصاحب القرن، قد التقم القرن، وحنى جبهته ينتظر متى يؤمر، فينفخ؟ فقال أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: فما تأمرنا يا رسول الله؟ قال: قولوا: حسبنا الله، ونعم الوكيل، على الله توكّلنا».
لقد جمعت هذه الآيات على وجازتها أمهات الفضائل، حيث جمعت بين أوامر العقيدة وتعظيم الله، وأوامر الدعوة وتبليغها، وأوامر العبادة والطاعة لله تعالى