ولكن لم يثبت هذا. ومعنى قوله: خَلَقْتُ وَحِيداً معناه: منفردا ذليلا، فجعلت له المال والبنين.
وجعلت له مالا واسعا كثيرا، وبنين حضورا معه بمكة، لا يفارقونها ولا يسافرون بالتجارات في البلاد لطلب الرزق، لكثرة مال أبيهم، وبسطت له في العيش وطول العمر والرياسة في قريش، ومع كل هذا يطمع في زيادة المال والولد وغير ذلك، مما يدعو إلى التعجب. وهذا إنكار عليه، لشدة حرصه على الدنيا. فرد الله عليه: كلا: كلمة ردع وزجر، لا أزيده، إنه كان لآيات القرآن معاندا لها، كافرا بها، بعد العلم بصدقها. سأكلفه وأحمله مشقة من العذاب.
وسَأُرْهِقُهُ: أكلفه بمشقة وعسر، وصَعُوداً عقبة في نار جهنم.
إنه فكّر في شأن النّبي صلّى الله عليه وسلّم وفي القرآن العظيم، وهيّأ من الكلام في نفسه ما يقول، وتروى فيما يصف به القرآن حين سئل عنه، فلعن وعذّب، على أي حال قدر ما قدر من الكلام. وهذا كله تعجب واستعظام من موقفه، واستحقاقه مضاعفة العذاب، ثم أعاد النظر والتّروي والتأمّل في الطعن بالقرآن، ثم قطّب وجهه، لما لم يجد مطعنا يطعن به القرآن، وتغيّر وجهه، ثم أعرض عن الإيمان، وتكبّر عن الانقياد للقرآن، فقال: ما هذا إلا سحر ينقل ويحكى، هو قول (كلام) البشر، أي ليس منزلا من عند الله تعالى. وقوله: فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ (١٩) دعاء عليه على معنى تقبيح حاله. و (قتل) بمعنى لعنه أو عاداه، أو هو بمعنى التعجب من الشيء.
سأدخله النار، وسأغمره فيها من جميع جهاته، وسقر: من أسماء النار، ثم أي شيء أعلمك ما سقر؟ لا تبقي من الدم واللحم والعظم شيئا، فإذا أعيد أهلها خلقا جديدا، فلا تتركهم، بل تعاود إحراقهم بأشد مما كانت، وهكذا أبدا. وهي أي جهنم تلوح للناس حتى يرونها عيانا، وعليها زبانية أشداء، من الملائكة عددهم