رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يخبرهم بها، ويتوعدهم بأمرها، ويكثر من ذلك.
أخرج الحاكم وابن جرير عن عائشة قالت: كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يسأل عن الساعة، حتى أنزل عليه:
يَسْئَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْساها (٤٢) فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْراها (٤٣) إِلى رَبِّكَ مُنْتَهاها (٤٤).
أوقف الله تعالى نبيه عليه السّلام بقوله: فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْراها (٤٣) أي في أي شيء أنت من ذكر تحديدها ووقتها؟ أي لست من ذلك في شيء، ولا مصلحة لك في بيانها وهذا تعجب من كثرة ذكره لها، ليس علمها إليك، ولا إلى أحد من الخلق، بل مردها إلى الله تعالى، فهو وحده الذي يعلم وقتها على التعيين، إنما بعثتك لتنذر الناس وتحذرهم من بأس الله وعذابه، وما أنت إلا مخوّف لمن يخشى قيام الساعة، فمن خشي الله وخاف عقابه، اتبعك ونجا، ومن كذب بالساعة وخالفك، خسر وخاب، فدع علم ما لم تكلّف به، واعمل بما أمرت به من إنذار.
إن هذا اليوم الذي يسألون عنه واقع حتما، وكأنهم فيه، فإنهم إذا قاموا من قبورهم إلى المحشر، ورأوا القيامة، استقصروا مدة الدنيا، ورأوا كأنها ساعة من نهار، أو عشية من ضحى يوم. قرّب الله تعالى بهذا أمر الساعة بإخباره أن الإنسان عند رؤيته إياها يظن أنه لم يلبث إلا عشية يوم أو بكرته، فأضاف (الضحى) إلى (العشية) من حيث هما طرفان للنهار. والمراد تقليل مدة الدنيا في نفوسهم إذا رأوا أهوال القيامة.


الصفحة التالية
Icon