المعنى: أقسم، ولا: زائدة، أو لنفي كلام سابق قبل القسم، أقسم بالشفق:
وهو الحمرة بعد غروب الشمس إلى وقت العشاء، وبالليل الأسود وما جمع وضم، وستر ما انتشر في النهار، وبالقمر إذا تم واكتمل بدرا، في منتصف كل شهر قمري.
والقسم بهذه الأشياء تنويه بعظمتها وعظمة مبدعها. وجواب القسم هو: لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً أي لتصادفن أحوالا بعد أحوال، هي طبقات في الشدة، بعضها أشد من بعض، وهي الموت وما بعده من مواطن القيامة وأهوالها، ثم يكون المصير الأخير:
وهو الخلود في الجنة أو في النار.
ثم وبخ الله وأنكر على المشركين استبعادهم البعث، بقوله: فَما لَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ (٢٠) أي فأي شيء يمنعهم عن الإيمان بصحة البعث أو القيامة، وبمحمد صلّى الله عليه وسلّم، وبما جاء به القرآن؟! مع وجود موجبات الإيمان بذلك، من الأدلة الكونية القاطعة الدالة على قدرة الله على كل شيء، والمعجزات الظاهرة الدالة على صدق النبي صلّى الله عليه وسلّم، وصدق الوحي القرآني المنزل عليه.
وأي مانع يمنعهم من السجود والخضوع لله تعالى عند قراءة القرآن الذي دل إعجازه على كونه منزلا من عند الله تعالى؟! ويكون سجودهم تعظيما للقرآن ومنزله، بعد أن علموا كونه معجزا، وهم يتذوقون العربية ويدركون فصاحتها وبلاغتها.
والواقع أن الكفار يكذبون بالكتاب المشتمل على إثبات التوحيد والبعث والثواب والعقاب، إما حسدا، وإما خوفا من ضياع المصالح والمراكز. والله أعلم من جميع المخلوقات بما يضمرونه في أنفسهم من التكذيب، وأعلم بأسباب الإصرار على الشرك أو الكفر، وبجميع الأعمال الصالحة والمنكرة، من أمراض القلوب من حسد وحقد وتكبر وكراهية، وقوله تعالى: يُوعُونَ معناه يجمعون من الأعمال والتكذيب والكفر، كأنهم يحملونها في أوعية.