صلّى الله عليه وسلّم: بسم الله الرّحمن الرّحيم: لِإِيلافِ قُرَيْشٍ.. (السورة)
وهو حديث غريب، كما قال ابن كثير.
هذه السورة نزلت إذن في بيان خصال قريش، وتذكيرهم بنعم الله عليهم.
ومعناها: لتعبد قريش (وهم ولد النضر بن كنانة) الله تعالى، شكرا له وإعظاما، لأجل إيلافهم (جعلهم يألفون) رحلتين في العام، واحدة في الشتاء إلى اليمن، لجلب العطور والبهارات الآتية من الهند والخليج، وهي بلاد حارة، وواحدة إلى الشام في الصيف، لأنها بلاد باردة، لجلب الحبوب الزراعية. وكانت قريش في مكة تعيش بالتجارة. ولولا هاتان الرحلتان لم يتمكنوا من المقام بها، ولولا الأمن بجوار البيت الحرام، لم يقدروا على التصرف، وكانوا لا يغار عليهم، لأن العرب يقولون: قريش أهل بيت الله عز وجل وجيرانه.
وكل هذا الاحترام والإجلال لقريش أهل مكة إنما كان من الله عزّ وجلّ، الذي هيّأه ويسّره لهم بفضل البيت الحرام، فكان عليهم الإقرار بهذه النعمة، وإفراد الله بالعبادة والتعظيم.
كما أن النّعم الأخرى المذكورة في الحديث المتقدّم، ومن أهمها نعمة صدّ أصحاب الفيل عن هدم الكعبة، تستوجب الإقرار بها وعبادة الله تعالى المنعم. فعليهم عبادة ربّ البيت الحرام الذي كان سببا في تحقيق مجدهم وزعامتهم وأمنهم واستقرارهم. والله وحده هو المستحق للعبادة، لكونه ربّ هذا البيت، على الرغم من أوثانهم التي كانوا يعظّمونها حول الكعبة، فميّز الله تعالى نفسه عنها، وبالبيت تشرّفوا على سائر العرب، وهم يدركون هذا ويقرّون به. وكانت الإشارة إلى (البيت الحرام) في السورة لإفادة التعظيم.
ويلاحظ كما ذكر الرازي أن الإنعام على قريش بصدّ أصحاب الفيل إنما هو لدفع الضرر عنهم، ودفع الضرر عن النفس واجب، والإنعام عليهم بالبيت الحرام لجلب


الصفحة التالية
Icon