فويل، أي خزي وعذاب وهلاك للمنافقين الذين يؤدون الصلاة أحيانا تظاهرا، وللغافلين عن الصلاة، الذين لا يبالي أحدهم، صلّى أم لم يصلّ، لا يرجون ثوابا إن صلوا، ولا يخافون عقابا إن تركوا، فهم عنها غافلون حتى يذهب وقتها، إهمالا لها.
وإذا كانوا مع المؤمنين صلوا رياء، وإذا لم يكونوا معهم لم يصلوا. إن هؤلاء هم الساهون عن صلاتهم، أي التاركون لها، أو الغافلون عنها. قال عطاء بن يسار:
الحمد لله الذي قال: عَنْ صَلاتِهِمْ ولم يقل: (في صلاتهم).
أولئك الساهون عن صلاتهم: هم الذين يراءون الناس بصلاتهم إن صلوا، أو يراءون الناس بكل ما عملوا من أعمال البر، ليثنوا عليهم.
وهم الذين يمنعون الماعون، أي يمنعون الإعارة وفعل الخير. والماعون: كل ما يتعاوره الناس بينهم، من الدلو والفأس والقدوم والقدر ومتاع البيت، وما لا يمنع عادة كالماء والملح، مما ينسب مانعة إلى الخسة ولؤم الطبع وسوء الخلق.
إن هؤلاء المنافقين وأمثالهم من المشركين، لم يحسنوا عبادة ربهم، ولم يحسنوا إلى الناس، حتى بإعارة ما ينتفع به ويستعان به، مع بقاء عينه، ورجوعه إليهم، وهؤلاء لمنع الزكاة وأنواع القربات أشد منعا وبخلا. روى النسائي وغيره عن عبد الله بن مسعود قال: كل معروف صدقة، وكنا نعد الماعون على عهد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عارية الدّلو والقدر.
إن هذه السورة الكريمة تصلح عنوانا بارزا لكل أنواع التكامل والتضامن الاجتماعي فيما بين الناس، حتى تسود المحبة والود، ويتآلف البشر، ويعم الرفاه والاستقرار أنحاء المجتمع، وتعيش كل جماعة في أمن وعافية وسلام.