تفسير قوله تعالى: (إن الله يدخل الذين آمنوا جنات تجري من تحتها الأنهار)
قال الله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ﴾ [الحج: ١٤].
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [لما ذكر أهل الضلالة الأشقياء، عطف بذكر الأبرار السعداء من الذين آمنوا بقلوبهم وصدقوا إيمانهم بأفعالهم، فعملوا الصالحات من جميع أنواع القربات، وتركوا المنكرات، فأورثهم ذلك سكنى الدرجات العاليات في روضات الجنات، ولما ذكر تعالى أنه أضل أولئك وهدى هؤلاء قال: ﴿إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ﴾ [الحج: ١٤]].
وله الحكمة البالغة سبحانه وتعالى، هو عليم بأحوال العباد، وعليم بنياتهم وأقوالهم وأفعالهم، وعليم بالذوات التي تصلح للخير فيوفقها له، وعليم بالذوات التي لا تصلح لذلك فيشقيها، له الحكمة البالغة سبحانه وتعالى، لا أحد يحسب عليه، وهو حسيب، قبض قبضة وقال: هؤلاء في الجنة ولا أبالي، وقبض قبضة وقال: هؤلاء في النار ولا أبالي، لما يعلمه فيهم سبحانه وتعالى، فهو يعلم أن هؤلاء لا يصلحهم إلا الخير، وهؤلاء لا يصلحون للخير، فله الحكمة البالغة.
والله سبحانه وتعالى يقرن بين الأشقياء والسعداء في كثير من الآيات، فلما ذكر ضعيف الإيمان أو المنافق الذي يرتد لأقل سبب ذكر بعدهم المؤمنين الصادقين، الذين صدقوا أقوالهم وصدقوا إيمانهم بالأعمال الصالحة، وذكر أن لهم الجنات وهم السعداء الذين ثبت الإيمان في قلوبهم ورسخ وصدقوا أقوالهم بأعمالهم، وعملوا الصالحات، يعني: أدوا الفرائض، وانتهوا عن المحارم، واستقاموا على دين الله، ووقفوا عند حدود الله.
فهؤلاء لهم الجنة والكرامة، نسأل الله أن يجعلنا وإياكم منهم.