تفسير قوله تعالى: (فاذكروا اسم الله عليها صواف)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [وقوله تعالى: ﴿فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ﴾ [الحج: ٣٦].
وعن المطلب بن عبد الله بن حنطب عن جابر بن عبد الله قال: (صليت مع رسول الله ﷺ عيد الأضحى، فلما انصرف أتي بكبش فذبحه، فقال: بسم الله، والله أكبر، اللهم هذا عني وعن من لم يضح من أمتي).
رواه أحمد وأبو داود والترمذي وقال محمد بن إسحاق عن يزيد بن أبي حبيب عن أبي عياش عن جابر رضي الله عنه قال: (ضحى رسول الله ﷺ بكبشين في يوم عيد فقال حين وجههما: ﴿وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِين﴾ [الأنعام: ١٧٩] ﴿إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ﴾ [الأنعام: ١٦٢ - ١٦٣]، اللهم منك ولك عن محمد وأمته، ثم سمى الله وكبر وذبح).
وعن علي بن الحسين عن أبي رافع: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: كان إذا ضحى اشترى كبشين سمينين أقرنين أملحين، فإذا صلى وخطب الناس أتي بأحدهما وهو قائم في مصلاه فذبحه بنفسه بالمدية، ثم يقول: اللهم هذا عن أمتي جميعها من شهد لك بالتوحيد، وشهد لي بالبلاغ، ثم يؤتى بالآخر فيذبحه بنفسه ثم يقول: هذا عن محمد وآل محمد فيطعمها جميعاً للمساكين، ويأكل هو وأهله منهما) رواه أحمد وابن ماجة.
وقال الأعمش عن أبي ظبيان عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: ﴿فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ﴾ [الحج: ٣٦]، قال: قياماً على ثلاث قوائم معقولة يدها اليسرى يقول: باسم الله والله أكبر لا إله إلا الله، اللهم منك ولك.
وكذلك روي عن مجاهد وعلي بن أبي طلحة والعوفي عن ابن عباس رضي الله عنهما نحو هذا، وقال ليث عن مجاهد: إذا عقلت رجلها اليسرى قامت على ثلاث.
وروى ابن أبي نجيح عنه نحوه، وقال الضحاك: يعقل رجلاً فتكون على ثلاث.
وفي الصحيحين عن ابن عمر رضي الله عنهما: (أنه أتى على رجل قد أناق بدنه وهو ينحرها فقال: ابعثها قياماً مقيدة سنة أبي القاسم صلى الله عليه وسلم).
وعن جابر رضي الله عنه: (أن رسول الله ﷺ وأصحابه كانوا ينحرون البدن معقولة اليسرى قائمة على ما بقي من قوائمها).
رواه أبو داود وقال ابن لهيعة: حدثني عطاء بن دينار أن سالم بن عبد الله قال لـ سليمان بن عبد الملك: قف من شقها الأيمن وانحر من شقها الأيسر.
وفي صحيح مسلم عن جابر رضي الله عنه في صفة حجة الوداع قال فيه: (فنحر رسول الله ﷺ بيده ثلاثاً وستين بدنة جعل يطعنها بحربة في يده) وقال عبد الرزاق أخبرنا معمر عن قتادة قال في حرف ابن مسعود: (صوافن) أي: معقلة قياماً.
وقال سفيان الثوري عن منصور عن مجاهد: من قرأها صوافن قال: معقولة، ومن قرأها (صواف) قال: تصف بين يديها.
وقال طاوس والحسن وغيرهما: (فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافِي) يعني: خالصة لله عز وجل، وكذا رواه مالك عن الزهري.
وقال عبد الرحمن بن زيد: صوافِي: ليس فيها شرك كشرك الجاهلية لأصنامهم.
وقوله سبحانه: ﴿فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا﴾ [الحج: ٣٦]].
وهذه الآثار تدل على أنه يشرع للمسلم أن يذبح الهدي والأضحية إذا كانت من الإبل قائمة معقولة اليد اليسرى، وهذا هو السنة، وأن يطعنها في الوحدة التي في أصل العنق، فإذا سقطت أجهز عليها، ولما رأى ابن عمر رجلاً ينحر بدنة وهي باركة قال: (ابعثها مقيدة سنة أبي القاسم)، عليه الصلاة والسلام، وأما البقر والغنم فتذبح على جنبها الأيسر، لكن لو عكس وذبح الإبل باركة والغنم والبقر واقفة أجزأ، لكن خالف السنة.
والبدنة توقف على ثلاث والرابعة معقولة.