ضرورة الاقتصاد في الأضحية وعدم التباهي فيها
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [وقال أبو أيوب: (كان الرجل في عهد رسول الله ﷺ يضحي بالشاة الواحدة عنه وعن أهل بيته، فيأكلون ويطعمون، حتى تباهى الناس فصار كما ترى).
رواه الترمذي وصححه وابن ماجة].
المشروع عدم التباهي في الأضحية؛ لأن أضحية واحدة تكفي عن البيت ولو كانوا مائة، وإن تعددت البيوت فكل أهل بيت يضحون، لكن كثير من الناس يتباهون فقد يذبح في البيت الواحد أربع ضحايا أو خمس، بعض الناس يقول: هذا أضحية عني، وهذا يذبح عن الأموات، هذه عن أبي وهذه عن أمي، وهذه عن أخي، وهذه عن زوجتي المتوفاة وهكذا، والسنة أضحية واحدة تكفي، يدخل فيها الأحياء والأموات، وفضل الله واسع ولو كانوا مائة، هذا هو السنة، إلا إذا كانت وصية فإن الوصايا تنفذ.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [وكان عبد الله بن هشام يضحي بالشاة الواحدة عن جميع أهله رواه البخاري].
هذا هو السنة كما قال أبو أيوب.
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [وأما مقدار سن الأضحية فقد روى مسلم عن جابر أن رسول الله ﷺ قال: (لا تذبحوا إلا مسنة، إلا أن تعسر عليكم فتذبحوا جذعة من الضأن)].
يعني لابد أن تكون الأضحية مسنة: إلا أن تعسر عليكم فلكم أن تذبحوا جذعة من الضأن، هذا الحديث قيده بالعسر، وجاء في الأحاديث الأخرى جواز ذبح الجذعة من الضأن ولو لم تعسر الأضحية، والمسنة من الإبل ما تم له خمس سنين، ومن البقر ما تم له سنتان، ومن المعز ما تم له سنة، هذا المسن، والإبل ما له خمس سنين يكون عن سبعة، والبقر ما تم له سنتان عن سبعة أيضاً، والمعز ما تم له سنة عن الواحد، وأما الضأن فيكفي الجذع، وهو ما له ستة أشهر، وأما قوله: (إلا أن تعسر) فقد جاء في أحاديث أخرى أنه يجوز الأضحية بالجذع من الضأن ولو لم تعسر المسن.
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ومن هاهنا ذهب الزهري إلى أن الجذع لا يجزئ، وقابله الأوزاعي فذهب إلى أن الجذع يجزئ من كل جنس وهما غريبان].
يعني: كون الجذع لا يجزئ من الضأن هذا غريب؛ لأن الأحاديث دلت على هذا، وكذلك كون الجذع يجزئ من كل صنف من الإبل ومن البقر ومن الغنم هذا ليس بصحيح.
والصواب الذي دلت عليه الأحاديث أنه يجزئ الجذع من الضأن، وأما غير الضأن فلا يجزئ إلا مسن، والمسن من البقر ماله سنتان، ومن المعز ما له سنة، ومن الإبل ما له خمس سنين.
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [والذي عليه الجمهور إنما يجزئ الثني من الإبل والبقر والمعز أو الجذع من الضأن].
الثني هو المسن، والثني ما كان له سنة من المعز، ومن الإبل ما تم له خمس سنين، ومن البقر ما تم له سنتان، هذا الذي عليه جمهور العلماء وهو الذي دلت عليه الأحاديث، وهو الصواب.
وأما مذهب الأوزاعي ومذهب الزهري فهما غريبان، كما قال المؤلف رحمه الله.
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [فأما الثني من الإبل فهو الذي له خمس سنين ودخل في السادسة، ومن البقر ما له سنتان ودخل في الثالثة، وقيل: ما له ثلاث ودخل في الرابعة، ومن المعز ما له سنتان].
الصواب أنه من البقر ما تم له سنتان ودخل في الثالثة، ومن المعز ما له سنة ودخل في الثانية هذا هو الصواب؛ لأن المعروف في الأحاديث ما تم له سنة.
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [وأما الجذع من الضأن فقيل: ما له سنة، وقيل: عشرة أشهر، وقيل: ثمانية، وقيل: ستة أشهر وهو أقل ما قيل في سنه].
الصواب ما له ستة أشهر.
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [وما دونه فهو حمل].
يعني: ما دون ستة أشهر يسمى حملاً، ولا يجزئ من الضأن.
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [والفرق بينهما أن الحمل شعر ظهره قائم، والجذع شعر ظهره نائم، قد انفرق صدغين، والله أعلم].
يعني: هذا الفرق الذي يعرف به الإنسان الجذع من الضأن، إن كان شعره قائماً، فهذا دليل على أنه حمل، وإن كان شعره نائماً، فهذا دليل على أنه تم له ستة أشهر.