أقوال المفسرين في قوله تعالى: (إلا إذا تمنى ألقى الشيطان في أمنيته)
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [وقوله: ﴿إلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ﴾ [الحج: ٥٢]، هذا فيه تسلية من الله لرسوله صلوات الله وسلامه عليه، أي: لا يهديك فقد أصاب مثل هذا من قبلك من المرسلين والأنبياء].
لا يهيدنك، يعني: لا يضعفك.
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [قال البخاري قال ابن عباس: (فِي أُمْنِيَّتِهِ): إذا حدث ألقى الشيطان في حديثه، فيبطل الله ما يلقي الشيطان ثم يحكم الله آياته.
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس رضي الله عنهما: ﴿إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ﴾ [الحج: ٥٢]، يقول: إذا حدث ألقى الشيطان في حديثه.
وقال مجاهد: ﴿إِذَا تَمَنَّى﴾ [الحج: ٥٢]، يعني: إذا قال، ويقال: ﴿أُمْنِيَّتِهِ﴾ [الحج: ٥٢]، قراءته، ﴿إِلَّا أَمَانِيَّ﴾ [البقرة: ٧٨]، يقرءون ولا يكتبون.
قال البغوي: وأكثر المفسرين قالوا: معنى قوله: ﴿تَمَنَّى﴾ [الحج: ٥٢]، أي: تلا وقرأ كتاب الله، ﴿أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ﴾ [الحج: ٥٢]، أي: في تلاوته، قال الشاعر في عثمان رضي الله عنه حين قتل: تمنى كتاب الله أول ليلة وآخرها لاقى حمام المقادر].
يعني: عثمان رضي الله عنه قرأ القرآن في أول الليلة، وفي آخرها لاقاه الحمام، يعني: الموت، وذلك حين قتل رضي الله عنه.
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [وقال الضحاك: ﴿إِذَا تَمَنَّى﴾ [الحج: ٥٢]، إذا تلا، قال ابن جرير: هذا القول أشبه بتأويل الكلام.
وقوله: ﴿فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ﴾ [الحج: ٥٢]، حقيقة النسخ لغة: الإزالة والرفع.
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس رضي الله عنهما: أي: فيبطل الله سبحانه وتعالى ما ألقى الشيطان.
وقال الضحاك: نسخ جبريل بأمر الله ما ألقى الشيطان، وأحكم الله آياته.
وقوله: ﴿وَاللَّهُ عَلِيمٌ﴾ [الحج: ٥٢]، أي: بما يكون من الأمور والحوادث، لا تخفى عليه خافية، ﴿حَكِيمٌ﴾ [الحج: ٥٢] أي: في تقديره وخلقه وأمره له الحكمة التامة والحجة البالغة؛ ولهذا قال: ﴿لِيَجْعَلَ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ فِتْنَةً لِلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ﴾ [الحج: ٥٣]، أي: شك وشرك وكفر ونفاق، كالمشركين حين فرحوا بذلك، واعتقدوا أنه صحيح من عند الله، وإنما كان من الشيطان.
قال ابن جريج: ﴿لِلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ﴾ [الحج: ٥٣]، هم: المنافقون، ﴿وَالْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ﴾ [الحج: ٥٣]، هم المشركون.
وقال مقاتل بن حيان: هم اليهود، ﴿وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ﴾ [الحج: ٥٣]، أي: في ضلال ومخالفة وعناد بعيد، أي: من الحق والصواب].


الصفحة التالية
Icon