البشارة والنذارة بالقرآن الكريم
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [وقوله: ﴿فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ﴾ [مريم: ٩٧] يعني: القرآن ﴿بِلِسَانِكَ﴾ [مريم: ٩٧] أي: يا محمد، وهو اللسان العربي المبين الفصيح الكامل.
﴿لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ﴾ [مريم: ٩٧] أي: المستجيبين لله، المصدقين لرسوله صلى الله عليه وسلم.
﴿وَتُنذِرَ بِهِ قَوْمًا لُدًّا﴾ [مريم: ٩٧] أي: عوجاً عن الحق، مائلين إلى الباطل، وقال ابن أبي نجيح عن مجاهد: ﴿قَوْمًا لُدًّا﴾ [مريم: ٩٧] لا يستقيمون.
وقال الثوري عن إسماعيل -وهو السدي - عن أبي صالح: ﴿وَتُنذِرَ بِهِ قَوْمًا لُدًّا﴾ [مريم: ٩٧] عوجاً عن الحق.
وقال الضحاك: الألد: الخصم.
وقال القرظي: الألد: الكذاب.
وقال الحسن البصري: ﴿قَوْمًا لُدًّا﴾ [مريم: ٩٧] صماً.
وقال غيره: صم آذان القلوب.
وقال قتادة: ﴿قَوْمًا لُدًّا﴾ [مريم: ٩٧] يعني قريشاً.
وقال العوفي عن ابن عباس رضي الله عنهما: ﴿قَوْمًا لُدًّا﴾ [مريم: ٩٧]: فجاراً.
وكذا روى ليث بن أبي سليم عن مجاهد، وقال ابن زيد: الألد: الظلوم، وقرأ قوله تعالى: ﴿وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ﴾ [البقرة: ٢٠٤]].
ويجمع هذه المعاني كلها أنهم قوم منحرفون عن الحق، مائلون عن الحق، فالألد الخصم هو الذي يجادل بالباطل ولا يقبل الحق، فقوله تعالى: ﴿وَتُنذِرَ بِهِ قَوْمًا لُدًّا﴾ [مريم: ٩٧] أي: مائلين عن الحق غير قابلين له، مع أنه سبحانه وتعالى قد يسر القرآن بلسان النبي ﷺ -وهو اللسان العربي- ليبشر به المتقين المستجيبين لله ولرسوله.
وأما المنحرفون من غير المستجيبين للحق فلهم النذارة، فالقرآن بشارة ونذارة، فهو بشارة للمستجيبين، ونذارة للمنحرفين غير القابلين للحق.