تفسير قوله تعالى: (وما جعلناهم جسداً لا يأكلون الطعام وما كانوا خالدين)
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [وقوله: ﴿وَمَا جَعَلْنَاهُمْ جَسَدًا لا يَأْكُلُونَ الطَّعَامَ﴾ [الأنبياء: ٨]، أي: بل قد كانوا أجساداً يأكلون الطعام كما قال تعالى: ﴿وَما أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَيَمْشُونَ فِي الأَسْوَاقِ﴾ [الفرقان: ٢٠]، أي: قد كانوا بشراً من البشر يأكلون ويشربون مثل الناس، ويدخلون الأسواق للتكسب والتجارة، وليس ذلك بضار لهم ولا ناقص منهم شيئاً كما توهمه المشركون في قولهم: ﴿مَالِ هَذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الأَسْوَاقِ لَوْلا أُنزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيرًا * أَوْ يُلْقَى إِلَيْهِ كَنزٌ أَوْ تَكُونُ لَهُ جَنَّةٌ يَأْكُلُ مِنْهَا﴾ [الفرقان: ٧ - ٨]، الآية.
وقوله: ﴿وَمَا كَانُوا خَالِدِينَ﴾ [الأنبياء: ٨]، أي: في الدنيا بل كانوا يعيشون ثم يموتون ﴿وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ﴾ [الأنبياء: ٣٤]، وخاصتهم أنهم يوحى إليهم من الله عز وجل تنزل عليهم الملائكة عن الله بما يحكمه في خلقه مما يأمر به وينهى عنه، وقوله: ﴿ثُمَّ صَدَقْنَاهُمُ الْوَعْدَ﴾ [الأنبياء: ٩]، أي: الذي وعدهم ربهم ليهلكن الظالمين صدقهم الله وعده وفعل ذلك.
ولهذا قال: ﴿فَأَنجَيْنَاهُمْ وَمَنْ نَشَاءُ﴾ [الأنبياء: ٩]، أي: أتباعهم من المؤمنين ﴿وَأَهْلَكْنَا الْمُسْرِفِينَ﴾ [الأنبياء: ٩]، أي: المكذبين بما جاءت به الرسل].


الصفحة التالية
Icon