تفسير قوله تعالى: (أم اتخذوا آلهة من الأرض هم ينشرون)
قال الله تعالى: [قال الله تعالى: ﴿أَمِ اتَّخَذُوا آلِهَةً مِنَ الأَرْضِ هُمْ يُنشِرُونَ * لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ * لا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ﴾ [الأنبياء: ٢١ - ٢٣].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ينكر تعالى على من اتخذ من دونه آلهة فقال: ﴿أَمِ اتَّخَذُوا آلِهَةً مِنَ الأَرْضِ هُمْ يُنشِرُونَ﴾ [الأنبياء: ٢١] أي: أهم يحيون الموتى وينشرونهم من الأرض؟ أي: لا يقدرون على شيء من ذلك فكيف جعلوها لله نداً وعبدوها معه؟ ثم أخبر تعالى أنه لو كان في الوجود آلهة غيره لفسدت السموات والأرض فقال: ﴿لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ﴾ [الأنبياء: ٢٢] أي: في السماء والأرض ((لَفَسَدَتَا)).
كقوله تعالى: ﴿مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذًا لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ﴾ [المؤمنون: ٩١]، وقال هاهنا: ﴿فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ﴾ [الأنبياء: ٢٢] أي: عما يقولون إن له ولداً أو شريكاً سبحانه وتعالى وتقدس وتنزه عن الذي يفترون ويأفكون علواً كبيراً.
وقوله: ﴿لا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ﴾ [الأنبياء: ٢٣] أي: هو الحاكم الذي لا معقب لحكمه، ولا يعترض عليه أحد؛ لعظمته وجلاله وكبريائه وعلوه وحكمته وعدله ولطفه، ﴿وَهُمْ يُسْأَلُونَ﴾ [الأنبياء: ٢٣] أي: وهو سائل خلقه عما يعملون، كقوله: ﴿فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ [الحجر: ٩٢ - ٩٣]، وهذا كقوله تعالى: ﴿وَهُوَ يُجِيرُ وَلا يُجَارُ عَلَيْهِ﴾ [المؤمنون: ٨٨].


الصفحة التالية
Icon