وفي تطور تال، اتخذت الحركة الإسلامية بادرة سياسية أخرى، بالموافقة على الاشتراك في اللجنة الملكية لوضع الميثاق الوطني التي أعلن عنها ملك البلاد وعين أعضاءها بنفسه، والميثاق الوطني أشبه ما يكون بعقد اجتماعي تجمع عليه الأحزاب والجماعات المختلفة في الأردن، ويغطي كل الأوجه السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية، وقد اتخذت الحركة الإسلامية قرارًا بالمشاركة في هذا المشروع، نظرًا لما رأته من ضرورة اللقاء والتحاور والتفاوض مع المجموعات السياسية الأخرى في البلاد، وتبادل الآراء معها حول القضايا المهمة التي يتناولها الميثاق (١).
لقد ظهر من قيادات الحركة مقدرة فائقة في إدارة الحوار وممارسة فن المفاوضات وشهد لهم دهاقنة السياسة بمقدرتهم السياسية الرفيعة، ولقد ناور زعماء الحركة وحققوا ما استطاعوا من أهداف لصالح التيار الإسلامي في الأردن، واستطاعت أن تمنع نفسها من الدخول في الوزارة عندما كانت مصلحة المبادئ التي يحملونها في الامتناع، وتقدمت بكل شجاعة لتسلم الحقائب الوزارية عندما رأت أن المصلحة في ذلك، وتسلمت خمس حقائب وزارية، هي وزارة التربية والتنمية الاجتماعية والعدل والصحة والشئون الإسلامية.
وبعد ستة أشهر من المشاركة، انتهت حرب الخليج، وبدأت حقبة جديدة من التطورات السياسية التي تمخضت عما يسمى بمؤتمر السلام، وكانت الحركة الإسلامية قد حذرت رئيس الوزراء من أنه إذا ما أقدمت حكومته على فتح أية قنوات للتفاوض مع إسرائيل، فإن وزراء الحركة الإسلامية سيستقيلون على الفور.