٥- ظهور المد الشيوعي في جنوب اليمن ووصول الحزب الماركسي إلى مقاليد الحكم في اليمن الجنوبي، مما جعل مصالح مشتركة بين الحكومات الشمالية والحركة الإسلامية مع ظهور قيادات فذة في الحركة استطاعت أن تستفيد من هذه المعادلة لمصلحة الإسلام في اليمن إلى غير ذلك من العوامل.
وكانت لجهود الجهاد التي قادها الشهيد محمد محمود الزبيري رصيد حي للحركة الإسلامية في اليمن، وتعتبر شخصيته من أبرز الشخصيات الوطنية التاريخية المعاصرة، وقد أجمعت كل القوى السياسية بعد استشهاده على إطلاق لقب «أبو الأحرار» عليه.
كان للحركة الإسلامية مشاركة سياسية قبل الوحدة، وشاركت بعدد من أعضائها في مجلس الشورى لعام ١٩٧١م وحرصت على أن تؤدي دورًا متميزًا، رغم قلة أعضائها، في مجال وضع التشريعات القانونية التي انبثقت جميعها من الشريعة الإسلامية (١).
واهتمت الحركة في اليمن بالجانب التعليمي والتربوي وأعطته اهتمامًا خاصًا، فساهمت في إعداد المناهج الدراسية لمختلف المراحل التعليمية، وكان حظ مناهج التربية الإسلامية وافرًا، حيث حشدت الحركة العشرات من العلماء البارزين - من المذهبين الزيدي والشافعي- لوضع هذه المناهج برؤية توحيدية جامعة تتجاوز التعصب المذهبي، إذ تم الاتفاق على أن تكون مناهج الفقه والحديث نابعة من الدليل الأصوب، دون التحيز والتعصب لأحد المذهبين المذكورين، وكان من فضل الله على أهل اليمن ثم بهذا الجهد المبارك أن نشأت الأجيال منذ ذلك الحين حتى اليوم برؤية فقهية موحدة تجاوزت فيها الحساسيات والصراعات الموروثة على مدار التاريخ وتجنبت البلاد مرارة الصراع المذهبي بهذا الفعل الرشيد.

(١) المصدر نفسه، ص ١٥٥.


الصفحة التالية
Icon