ومن هنا يتضح أن إطلاق كلمة (الفقه) كانت تعنى العلم بأحكام الدين على وجه العموم والشمول سواء كان فقه العقيدة، أو فقه التفسير أو فقه الحديث أو فقه الفتيا في أمور العبادات، والمعاملات، فيكون المقصود (بالفقهاء) هم العلماء في أمور الدين الإسلامي جملة، أما في أوساط عهد التابعين، فقد أخذت كلمة (الفقه) مدلولاً أخص من مدلولها الأول، فلا تطلق إلا على علم الأحكام الشرعية العملية التي يتوصل العلماء إلى استنباطها من الأدلة التفصيلية، واشتهر من اشتغل بهذا الجانب (بالفقهاء) فقيل: فقه الإمام أحمد(١)، وفقه الإمام الشافعي(٢)، وفقه الإمام مالك، وفقه الإمام أبى حنيفة(٣) وهكذا(٤).
ثانيًا: التمكين في اللغة والاصطلاح:
أ- التمكين في اللغة:
مصدر الفعل (مَكَّن) الذي يتكون من الحروف (م، ك، ن) ومنه (أمْكَنَه) منه بمعنى استمكن الرجل من الشيء، وتمكّن فلان من الشيء، وفلان لا (يُمْكِنه) النهوض أي لا يقدر عليه. (٥)
ومن التمكين المَكِنَة تقول العرب: إن بنى فلان لذو مَكِنة من السلطان أي تمكَّن (٦). وتسمى العرب موضع الطير مكنة لتمكن الطير فيه (٧)، والمكانة عند العرب هي المنزلة عند الملك، والجمع مكانات، لا يجمع جمع تكسير، وقد مَكُن مَكانةً فهو مَكين، والجمع مُكنَاء، ونُمكّن - تمكُّن.

(١) هو أبو عبد الله أحمد بن محمد الشيباني ولد عام ١٦٤هـ وتوفى عام ٢٤١هـ، انظر: تقريب التهذيب ص٨٤.
(٢) هو محمد بن إدريس بن هاشم المطلبى ولد عام ١٥٠هـ، وتوفى عام ٢٥٤هـ، تقريب التهذيب ص ٤٦٧.
(٣) هو النعمان بن ثابت الكوفي فقيه مشهور مات عام ١٥٠هـ، تقريب التهذيب ص ٥٦٣.
(٤) انظر: المدخل إلى الفقه الإسلامي، د. عبد الله الدرعان، ص ٣١.
(٥) انظر: مختار الصحاح لأبي محمد الرازي، ص ٦٣٥.
(٦) انظر: لسان العرب (ج١٣، فصل النون، باب مكن ص٤١٤).
(٧) نفس المصدر، (ج١٣، فصل النون، باب مكن ص٤١٤).


الصفحة التالية
Icon