لقد كانت خطوات حزب السلامة الوطني جريئة في المجتمع التركي، ولذلك لم يتحمل الجيش التركي خادم العلمانية في تركيا هذه الأعمال الحميدة، ولذلك تدخل الجيش بانقلابه الذي قضى على التعددية والحرية السياسية في ١٢أيلول ١٩٨٠م، وقد سبق هذا الانقلاب مظاهرات كبيرة في مدينة قونيا يوم ٦ أيلول، ونادى المتظاهرون بتأسيس دولة إسلامية، وقام أنصار حزب السلامة بالاستهزاء بكل ما يؤمن به أتاتورك والمؤسسة العسكرية، وقد هتف هؤلاء الذين جاءوا من جميع أنحاء البلاد بالشعارات الدينية، وطالبوا باستخدام الشريعة الإسلامية في التعامل السياسي الداخلي، ومنعوا عزف النشيد الوطني(١).
واحتج المتظاهرون على ضم القدس، ونادوا بقطع العلاقات مع إسرائيل، ودعوة إسرائيل المناداة بالقدس حرة، كما دعا أربكان في هذه المظاهرة إلى بدء الصراع لأنها العقلية الغربية الزائفة والتي تحكم تركيا، وقد كتب المتظاهرون الشعارات باللغة العربية، وقام هؤلاء بحرق العلم الصهيوني والأمريكي والسوفيتي، ونادى المتظاهرون بشعار «الموت لليهود» ولا سيما أن مدينة قونيا تضم أعدادًا من طائفة اليهود والتي يبلغ عددها ٢٠. ٠٠٠ يهودي ونادى المتظاهرون أيضًا: «جاء دور القانون الديني وانتهت الهمجية، الشريعة أو الموت، إن الدولة الملحدة يجب أن تدمر، وإن القرآن هو دستورنا، نريد دولة إسلامية بدون الحدود والطبقات» (٢).
كانت شعبية حزب السلامة الوطني ترتقي، لأنه التزم القضايا الإسلامية علنًا خصوصًا في العامين ١٩٧٩م، ١٩٨٠م واضطر الحزب الجمهوري وحزب العدالة بإرضاء حزب السلامة الوطني، وقدما تنازلات للاتجاه الإسلامي، طمعًا في المساعدات الاقتصادية من الأقطار الإسلامية والحاجة الملحة إلى بترولها.
(٢) الحركات الإسلامية الحديثة في تركيا، د. النعيمي، ص ١٥١.