لم يرض اليهود والعلمانيون عن هذه المكاسب العظيمة التي حققتها الحركة الإسلامية في تركيا، فدفعوا قادة الجيش لممارسة ضغوطهم على الأحزاب حتى قضوا على التحالف بين حزب الطريق القويم وحزب الرفاة، وتقدم حزب علماني متطرف مدعوم بقوة العسكر ورجال الاقتصاد العلمانيين وقدموا حزب الرفاة إلى المحكمة الدستورية التي حكمت بحل حزب الرفاة ومصادرة أملاكه ١٩٩٧م ولا يزال الإسلاميون في تركيا يديرون صراعهم مع اليهود والعلمانيين وأعداء الإسلام بكل جدارة وشجاعة وذكاء. وإني على يقين راسخ لا يتزعزع أن الحركة الإسلامية في تركيا ستصل إلى الحكم وتطبق شرع الله بإذن الله، لأن كل المؤشرات والسنن تقول بذلك.
وأختم التجربة الإسلامية في تركيا بهذا الحوار للأستاذ والمجاهد الكبير الذي نخر أعمدة العلمانية في تركيا البروفسور نجم الدين أربكان، سأله صحفي مسلم مشهور بقوله: إن المشاركة في العملية الانتخابية أمر لا يجوز من الناحية الشرعية وهي مساهمة في تقوية النظام الجاهلي الذي يعتمد مثل هذه الأساليب.. فرد أربكان: وماذا نفعل إذن.. ؟ هل كان بإمكاننا أن نحقق المكاسب الكبرى على صعيد الحريات الشخصية والعامة.. ونؤسس هذه المئات من المدارس الإسلامية، ونرفع أصواتنا في البرلمان لتعديل المواد الدستورية التي تحد من الحريات الدينية، ونعيد للناس ثقتهم بأنفسهم وبدينهم، ونحاصر الشر بأنواعه حتى يكاد ينحسر عن بلادنا، بغير هذه الوسائل التي ترفع من مستوى أداء الجميع أفرادًا وجماعات، وتدفع الجميع لتحمل مسئولياتهم في إعادة البناء.. ؟ (١)
إن تجربة الحركات الإسلامية في السودان والأردن واليمن وتركيا من التجارب الرائدة المليئة بالدروس والعبر، ولم تفرط هذه الحركات في ثوابت الدين؛ بل التزمت بها ولم تداهن أو تجامل في أمر الشريعة؛ بل ضغطت على حكومتها وعدلت دساتيرها كما حدث في تركيا، وإن هذه الأعمال الجليلة التي قامت بها الحركات الإسلامية في بلدانها ومع حكوماتها لنوع من أنواع التمكين لهذا الدين.