إن سليمان عليه السلام لم يرث عن أبيه مالاً أو دارًا أو عقارًا، وإنما ورث عنه العلم والحكمة وورث النبوة والحكم، وأعطاه الله تعالى نعمًا وهبات خاصة به لم يعطها أحدًا بعده فقد سأل الله عزَّ وجل أن يخصه بعطاء لا يصل إليه أحد، وقال: ﴿رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لاَّ يَنبَغِي لأحَدٍ مِّن بَعْدِي إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ﴾ [ص: ٣٥]، يعني: أعطني ملكًا لا يكون لأحد من البشر من بعدي مثله(١).
وإننا ونحن نمضي مع ما يحكيه القرآن عن سليمان عليه السلام، فإننا نعيش مع أنصع الصفحات المشرقة من عصور بني إسرائيل الذهبية أيام كانوا على الدين الصحيح.
يحدثنا القرآن أنه عليه السلام أقام مملكته على أسس من الإيمان بالله والإسلام له، ولهذا اعتبر سليمان مُلكه مفخرة عن ملك بلقيس ليس لامتداده وسعته وتفوقه فحسب، ولكن لأن ملك سليمان قام على العلم وأسس على الإيمان فقال: ﴿وَأُوتِينَا الْعِلْمَ مِن قَبْلِهَا وَكُنَّا مُسْلِمِينَ - وَصَدَّهَا مَا كَانَت تَّعْبُدُ مِن دُونِ اللهِ إِنَّهَا كَانَتْ مِن قَوْمٍ كَافِرِينَ﴾[النمل: ٤٣، ٤٢].
وإننا لنلمح من خلال القرآن أن دولة سليمان عليه السلام كانت مفعمة بالحيوية، مائجة بالحركة، وكان عليه السلام قائمًا بواجب العبودية إلى جانب القيام بمهام الملك ومسئوليات الحكام وإعمار الدنيا بطاعة الله، حتى دانت له الأرض جميعًا، وجاء على المعمورة وقت لم يكن فيها لسليمان ندٌّ منازع في الحكم والملك ولا شبيه مماثل في العلم والحكمة.