إن الإيمان بالله، والحب في الله، وما يترتب عليهما قواعد متلازمة ينبني بعضها على البعض الآخر، ويتأثر اللاحق منها بالسابق، فإذا قوي الإيمان بالله في نفس المؤمن ازداد الحب في الله، وازدادت الأفعال المترتبة على ذلك، حتى تصبح الجماعة المسلمة، كخلايا الدم في الجسم تعمل لغرض واحد، وهدف واحد، وفي إطار واحد، عند ذلك تصبح الجماعة المسلمة بنية حية قوية صامدة قادرة على أداء رسالتها ودورها العظيم في حق نفسها، وفي حق البشرية جمعاء(١).
ولذلك جعل الله تعالى رابطة الدين والإيمان فوق كل الروابط الجاهلية الفاسدة مثل رابطة الدم، ورابطة اللون أو اللغة، أو رابطة الوطن أو الإقليم أو رابطة الحرفة، أو الطبقة، أو غير ذلك من الروابط الجاهلية التي تختلف اختلافًا جذريًا مع أصول
الإسلام ومنطلقاته في الموالاة والمعاداة والحب والبغض، قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ﴾ [الحجرات: ١٣].
فالمقياس لتفاوت الأفراد في الإسلام هو التقوى والعمل الصالح، وهذا المبدأ يحقق العدل بالنسبة لكافة المنتمين إليه، ويسع العالم أجمع دون أي تمييز بينهم فيما عدا التقوى والعمل الصالح(٢).

(١) انظر: الموالاة والمعاداة (١/٢٤٦).
(٢) المصدر نفسه (١/٢٤٦).


الصفحة التالية
Icon