وبعد أن ذكرت الآية الكريمة شروط الاستخلاف والتمكين والأمن، أرشدت الآيات التي بعدها إلى كيفية المحافظة على هذا التمكين والأمن، وإلى العدة الفعلية للأمة الإسلامية ألا وهي: الاتصال بالله، وتقويم القلب بإقامة الصلاة، والاستعلاء على الشح، وتطهير النفس والجماعة بإيتاء الزكاة، وطاعة الرسول - ﷺ - والرضا بحكمه، وتنفيذ شريعة الله في الصغيرة والكبيرة، وتحقيق المنهج الذي أراده للحياة: ﴿لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾ [النمل: ٤٦] في الأرض من الفساد والانحدار والخوف والقلق والضلال، وفي الآخرة من الغضب والعذاب والنكال. إن الأمة الإسلامية عندما تسير على نهج الله تعالى وتحكم شرعه في الحياة، وترتضيه في كل أمورها.. يتحقق وعد الله بالاستخلاف والتمكين والأمن، وما من مرة خالفت عن هذا النهج والطريق القويم إلا تخلفت في ذيل القافلة، وذلت، وطرد دينها من الهيمنة على البشرية، واستبد بها الخوف، وتخطفها الأعداء.
إن وعد الله لا يتبدل ولا يتغير إذا أقمنا الشروط، فإذا أردنا الوعد فعلينا بتحقيق الشروط ولا أحد أوفى بعهده من الله تعالى(١).
آثار الشرك:
إن الشرك الذي يقع فيه الإنسان له آثاره الوبيلة في دنياه وآخرته، سواء أكان الواقع فيه فردًا أم جماعة، فمن تلك الآثار:
١- إطفاء نور الفطرة:
قال تعالى: ﴿وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا﴾ [الأعراف: ١٧٢].
وعلى هذا فإن الشرك نقض للميثاق الذي أخذه الله على البشر وهم في عالم الذر، كما أنه انحراف عن الغاية التي خلق الله الجن والإنس من أجلها، قال تعالى: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنْسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ﴾ [الذاريات: ٥٦].

(١) في ظلال القرآن (٤/٢٥٣٠).


الصفحة التالية
Icon