هذه المنهجية التي رسمها رسول الله - ﷺ - في إعداد الأفراد إعدادا ربانيا على زعماء وقادة الحركات الإسلامية أن يسيروا على نفس المنهج الذي سار عليه رسول الله - ﷺ -، والذي في حقيقته تفسير للقرآن الكريم، وإن الآيات الكريمة السابقة من سورة الكهف تصف لنا الشخصية الربانية في عدة صفات منها:
أ- الصبر:
في قوله تعالى: ﴿وَاصْبِرْ نَفْسَكَ﴾.
إن كلمة الصبر تتردد في القرآن الكريم وفي أحاديث النبي - ﷺ - ويوصى الناس بعضهم بعضا وتبلغ أهميتها أن تصير صفة من أربع للفئة الناجية من الخسران.
قال تعالى: ﴿وَالْعَصْرِ - إِنَّ الإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ - إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ﴾ [العصر: ١-٣] فحكم المولى عز وجل على جميع الناس بالخسران إلا من أتى بهذه الأمور الأربعة.
الإيمان بالله.
العمل الصالح.
التواصي بالحق.
التواصي بالصبر.
لأن نجاة الإنسان لا تكون إلا إذا أكمل الإنسان نفسه بالإيمان والعمل الصالح وكمل غيره بالنصح والإرشاد، فيكون قد جمع بين حق الله، وحق العباد، والتواصي بالصبر ضرورة لأن القيام على الإيمان والعمل الصالح، وحراسة الحق والعدل من أعسر ما يواجه الفرد والجماعة، ولابد من الصبر على جهاد النفس، وجهاد الغير، والصبر على الأذى والمشقة، والصبر على تبجح الباطل، والصبر على طول الطريق وبطء المراحل، وانطماس المعالم وبعد النهاية(١).
إن كلمة الصبر قصيرة سهلة لا تجاوز ثلاثة حروف، يستطيع كل إنسان أن ينطقها، وأن يوصي بها، ولكن معاناتها أمر آخر، والصبر في حقيقته أنواع منها، صبر عن المعاصي وهو واجب على كل مؤمن فضلا عن الدعاة، وصبر على الطاعات، وهو واجب كل مؤمن فضلا عن الدعاة وإن كان عليهم أن يستزيدوا من الطاعات، لأن الإيمان يزيد بالطاعات وينقص بالمعاصي.

(١) انظر: الظلال (٦/٣٩٦٨).


الصفحة التالية
Icon