ومن ثمراته: عزة النفس والقناعة والتحرر من رق المخلوقين، فالمؤمن بالقدر يعلم أن رزقه مكتوب، وأنه لن يموت حتى يستوفي رزقه، ويدرك أن الله كافيه وحسبه ورازقه، وأن العباد مهما حاولوا إيصال الرزق له، أو منعه عنه فلن يستطيعوا إلا بشيء قد كتبه الله، فينبعث بذلك إلى القناعة وعزة النفس والإجمال في الطلب وترك التكالب على الدنيا والتحرر من رق المخلوقين، وقطع الطمع مما في أيديه، والتوجه بالقلب إلى رب العالمين، وهذا أساس فلاحه ورأس نجاحه(١).
سكون القلب وطمأنينة النفس وراحة البال، فهذه الأمور من ثمرات الإيمان بالقضاء والقدر، وهي هدف منشود، فكل من على وجه البسيطة يبتغيها ويبحث عنها، وإنك لتجد عند خواص المسلمين من العلماء العاملين، والعباد القانتين المتبعين، من سكون القلب، وطمأنينة النفس ما لا يخطر على بال، ولا يدور حول ما يشبهه خيال فلهم في ذلك الشأن القدم المعلي والنصيب الأوفى، فهذا أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز - رضي الله عنه - يقول: «أصبحت وما لي سرور إلا في مواضع القضاء والقدر»(٢).
وهذا شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - يقول: (إن في الدنيا جنة من لم يدخلها لم يدخل جنة الآخرة) (٣).
ويقول مقولته المشهورة التي قالها عندما اقتيد إلى السجن: (ما يصنع أعدائي بي، أنا جنتي وبستاني في صدري، أينما رحلت فهي معي لا تفارقني، إن حبسي خلوة، وقتلي شهادة، وإخراجي من بلدي سياحة) (٤).
(٢) جامع العلوم والحكم (١/٢٨٧).
(٣) الشهادة الزكية في ثناء الأئمة على ابن تيمية لمرعي الحنبلي، ص٣٤.
(٤) شيخ الإسلام ابن تيمية جهاده ودعوته وعقيدته، أحمد القطان ومحمد الزين، ص١٠١.