إن إقحام العقل في غير مجاله كما فعل أهل الكلام والأهواء شتت الأمة وفرقها، وجعلها تبتعد عن كتاب ربها وسنة نبيها - ﷺ -، ولقد تخبط كثير من علماء الكلام في دياجير الظلام وحيرة العقول حتى مَنَّ الله عليهم وألهمهم رشدهم في آخر حياتهم فتابوا إلى الله عز وجل وندموا على ما كان منهم، وتحسروا على إضاعة أعمارهم في القيل والقال، واعترفوا بخطأ الطريق الذي ساروا فيه، وأن منهج القرآن والسنة الذي سلكه السلف الصالح هو أفضل السبل على الإطلاق ونذكر من هؤلاء الأعلام:
١- الجويني(١) - رحمه الله-:
لقد ذم علم الكلام في آخر حياته ونصح الأمة أن يجتنبوه، حيث قال: «لا تشتغلوا بعلم الكلام، فلو عرفت أن الكلام يبلغ بي ما بلغ ما اشتغلت به »(٢).
٢- أبو حامد الغزالي (٣) :
نصر مذهب السلف في آخر حياته وقال: «الدليل على أن مذهب السلف هو الحق، أن نقيضه بدعة، والبدعة مذمومة وضلالة»(٤).
ذمه لعلم الكلام، حيث قال: «إن الصحابة رضي الله عنهم كانوا محتاجين إلى محاجة اليهود والنصارى في إثبات نبوة محمد - ﷺ - فما زادوا على أدلة القرآن شيئا، وما ركبوا ظهر اللجاج في وضع المقاييس العقلية، وترتيب المقدمات، كل ذلك لعلمهم بأن ذلك مثار الفتن ومنبع التشويش، ومن لا يقنعه أدلة القرآن لا يقمعه إلا السيف والسنان، فما بعد بيان الله بيان»(٥).

(١) هو إمام الحرمين عبد الملك بن عبد الله بن يوسف أبو المعالي ركن الدين، كان من أذكياء العالم، توفي ٤٧٨هـ، انظر: العبر (٢/٣٣٩).
(٢) طبقات الشافعية للسبكي (٣/٢٦٠)
(٣) هو محمد بن محمد الغزالي الطوسي له مائتا مصنف، توفي عام ٥٠٥هـ، شذرات الذهب (٣/١٠).
(٤) إلجام العوام عن علم الكلام، ص٩٦.
(٥) نفس المصدر السابق، ص٨٩ – ٩٠.


الصفحة التالية
Icon