وكثير من المسلمين اليوم فقدوا انتماءهم، فأخذوا يبحثون عن عقائد ومذاهب وأقوام ينتسبون إليها، ألا وإن الراية الحق هي راية الإسلام، لا راية الأوطان، أو الأقوام أو الأحزاب، أو التجمعات الضالة، والتوحيد والانتساب إلى الإسلام ملة إبراهيم عليه السلام: ﴿ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا﴾ [النحل: ١٢٣].
د- طلب الحق والتحري في ذلك:
إن هذا الأصل العظيم ألا وهو طلب الحق والتحري للوصول إليه يقوي وحدة صف العاملين لتحكيم شرع الله، وهو من أهم سمات الربانيين الذين صفت نفوسهم وتطهرت قلوبهم بكتاب الله وسنة رسوله - ﷺ -.
إن الله تعالى في كتابه الكريم، بين أنه لا يوجد منزلة ثالثة بين الحق والباطل، فقال سبحانه: ﴿فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلاَّ الضَّلاَلُ﴾ [يونس: ٣٢].
قال القرطبي -رحمه الله -: «قال علماؤنا: حكمت هذه الآية بأنه ليس بين الحق والباطل منزلة ثالثة في هذه المسالة التي هي توحيد الله تعالى، وكذلك هو الأمر في نظائرها، وهي مسائل الأصول فإن الحق فيها في طرف واحد»(١).
والحق لابد فيه من اليقين، ولا يكفي فيه مجرد الظن، قال تعالى: ﴿إِنَّ الظَّنَّ لاَ يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ﴾ [يونس: ٣٦].
قال ابن كثير: «أي لا يجدي شيئا ولا يقوم أبدا مقام الحق»(٢)، وقد عد النبي - ﷺ - رد الحق وعدم قبوله، من الكبر الذي هو من أشنع الخصال وأردأ الفعال.
قال رسول الله - ﷺ -: «الكبر بطر الحق وغمط الناس» (٣).
إن بطر الحق هو دفعه وإنكاره ترفعا وتكبرا واستعلاء، وأما غمط الناس فهو احتقارهم.
إن الحق هو ما دلت عليه نصوص الكتاب والسنة، وعلى كل مسلم أن يتبع

(١) الجامع لأحكام القرآن (٨/٣٣٦).
(٢) تفسير القرآن العظيم (٤/٢٥٥).
(٣) مسلم، كتاب الإيمان، باب تحريم الكبر (١/٦٥).


الصفحة التالية
Icon