ضرب القرآن الكريم مثلا للتخطيط السليم الذي قام على أسس منطقية فأمكن بذلك تلافي مجاعة كانت تهدد الناس جميعا بالهلاك - بسبب التخطيط السليم الذي قام به يوسف عليه السلام وهو أمين على الخزائن - وذلك حين فسر الرؤيا التي جاءت على لسان ملك مصر في قوله تعالى: ﴿وَقَالَ الْمَلِكُ إِنِّي أَرَى سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعَ سُنْبُلاَتٍ خُضْرٍ﴾ [يوسف ٤٣] وتولى يوسف عليه السلام تفسير الرؤيا فقال: ﴿تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَبًا فَمَا حَصَدتُّمْ فَذَرُوهُ فِي سُنبُلِهِ إِلاَّ قَلِيلاً مِّمَّا تَأْكُلُونَ﴾ [يوسف: ٤٧].
إن يوسف عليه السلام فسر الرؤيا وزاد عليها أن قدم خطة عملية تستغرق القطر كله والشعب المصري كله، أي أن خطته اعتمدت على التشغيل الكامل للأمة والبرمجة الكاملة للوقت، ثم التشغيل الكامل لطاقة كل فرد في الأمة، وهذا الذي أراده يوسف عليه السلام وعبر عنه بقوله ﴿تَزْرَعُونَ﴾ إن الذي يخطط له يوسف عليه السلام هو مضاعفة الإنتاج وتقليل الاستهلاك، لأن الأزمات والظروف الاستثنائية تحتاج إلى سلوك استثنائي، ولأن سلوك الناس في الأزمات غير سلوكهم في الظروف العادية، استرخاء وبطالة، فإن هذه الأمة تكون في حالة خلل خطير يحتاج إلى علاج ومعالج خبير(١).
إن يوسف عليه السلام قسم خطته إلى ثلاث مراحل:
تزرعون سبع سنين دأبا.
ثم يأتي من بعد ذلك سبع شداد.
ثم يأتي عام يغاث فيه الناس.
وتظهر ملامح هذه الخطة في الآتي:

(١) انظر: سورة يوسف دراسة تحليلية، د. أحمد نوفل، ص٤٠٩.


الصفحة التالية
Icon