ولما حل الموسم جاء من المدينة اثنا عشر رجلا من قبيلة الخزرج منهم النفر الستة الذين بايعوه في العقبة الأولى، واثنان من قبيلة الأوس:
التقى بهم رسول الله - ﷺ - وأسلموا جميعا.
بايعوا رسول الله - ﷺ - على السمع والطاعة.
سميت هذه العقبة ببيعة النساء لأنهم لم يبايعوا على القتال، وإنما على الدخول في الإسلام.
أرسل معهم الرسول - ﷺ - ابن أم مكتوم ومصعب بن عمير ليعلماهم القرآن ويفقهاهم في الدين.
أسلم على يدي مصعب أكثر أهل المدينة ولذا يسمى فاتح المدينة(١).
بيعة العقبة الثالثة - أو الكبرى -:
وفد على مكة في العالم الثالث في موسم الحج جماعة من يثرب بلغت عدتهم ثلاثة وسبعين رجلا وامرأتين منهم أحد عشر من الأوس، فواعدهم الرسول - ﷺ - أن يلقاهم عند العقبة، فبايعهم على الإسلام وعبادة الله، وألا يشركوا به شيئا، ثم على حمايته إن قدم المدينة.
وتدل وقائع هذه البيعات الثلاث على الآتي:
على مبلغ ودقة الإحكام في التخطيط.
نجحت هذه المرحلة التي تعتبر بمثابة الإعداد والتحضير للهجرة.
دقة اختيار الوقت المناسب لعقد المعاهدة وهو موسم الحج، حتى لا يلفت الأنظار إليه من المشركين المتربصين.
دقة الاختيار في الموعد حيث جعل بعد ثلث الليل، حتى يمكن اجتناب العقبات التي تتوقع من المشركين، وكان هذا الاختيار مساعدا في نجاح الخطة.
تنظيم النبي - ﷺ - في العقبة الثالثة للأوس والخزرج وجعل من بين السبعين اثني عشر نقيبا، تسعة من الخزرج وثلاثة من الأوس، وهذا يدل على بعد نظر النبي - ﷺ - ومقدرته على ترتيب وتنظيم الطاقات.
نلاحظ مراعاة التدرج في تنفيذ الخطة، وهذا يدل على رجاحة عقل المخطط ومراعاته لمقتضيات الأحوال وسنة التدرج للوصول إلى الهدف المنشود.
مراعاة جميع الظروف المحيطة ووضع الوسائل المناسبة، وترتب على هذا التخطيط الرشيد الآتي:
دخول بعض البشر دين الإسلام في البيعة الأولى.

(١) انظر: الدعاة والتخطيط، د. محمد عبد الله الخطيب، ص٥٩-٦١.


الصفحة التالية
Icon