قال رسول الله - ﷺ -: «إذا تبايعتم بالعينة (١)، ورضيتم بالزرع، وتبعتم أذناب البقر، وتركتم الجهاد في سبيل الله سلط الله عليكم ذلاًّ لا ينزعه عنكم حتى تراجعوا دينكم» (٢)، ففي هذا الحديث إشارة إلى أن الاكتفاء بالزراعة وحدها، وما يتبعها من الإخلاد إلى الحياة الخاصة المعبر عنها باتباع أذناب البقر، وترك الجهاد في سبيل الله وما يتطلبه من إعداد القوة، يعرض الأمة لخطر الذل والاستعمار، وهذا بالضرورة يحتاج إلى نوع من الصناعات لابد أن يتوافر في الأمة، إذ ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب.
ولقد أنزل في كتابه سورة الحديد تنبيها منه على أهمية هذا المعدن الخطير، قال تعالى: ﴿وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ﴾ [الحديد: ٢٥]. ففي قوله: ﴿فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ﴾ إشارة إلى الصناعات الحربية، وفي قوله: ﴿وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ﴾ إشارة إلى الصناعات المدنية وبهذا تكتمل قوة الأمة في سلمها وحربها.
٥- تشغيل الثروة النقدية:
بحيث تخرج النقود من قمقم «الكنز» إلى ساحة الحركة، والعمل، فإن النقود لم تخلق لتحبس وتكتنز، إنما خلقت لتتداول وتنتقل من يد إلى يد؛ ثمنا لبيع أو أجرا لعمل، أو عينًا ينتفع بها، أو رأس مال لشركة أو مضاربة، فهي وسيلة لأغراض شتى، وليست غرضا في ذاتها.
هذه بعض الخطوط العريضة للوصول إلى الاكتفاء الذاتي وتحرير الأمة من العبودية الاقتصادية لغيرها، والاقتراب بها نحو تمكين دينها، كما ننبه على أهمية توزيع الزكاة ورعاية أموال الأوقاف ووضعها في محلها الصحيح فيه من الثروات الهائلة، فلابد من تحرير الأوقاف فإنها تصل إلى الملايين في البلدان الإسلامية ولم تستثمر كما ينبغي من أجل تقوية دعوة الله والتمكين في الأرض.
رابعًا: الإعداد الإعلامي:
(٢) صحيح الجامع الصغير، ص٤٣٣.