لقد كان جهاز الاستخبارات الإسلامية في مكة دقيقا جدا وحقق نجاحات مهمة، ولقد قاد العباس بن عبد المطلب هذا الجهاز بكل جدارة ونشاط، وكانت معلوماته دقيقة وبياناته صحيحة، فمن هذه المعلومات التي وصلت رسالته إلى النبي - ﷺ -: (إن قريشًا قد أجمعت المسير إليك فما كنت صانعًا إذا حلوا بك فاصنعه، وقد توجهوا إليك في ثلاثة آلاف وقادوا مائتي فرس وفيهم سبعمائة درع وثلاثة آلاف بعير وأوعبوا(١) من السلاح)(٢).
لقد احتوت هذه الرسالة على أمور مهمة منها:
١- معلومات مؤكدة عن تحرك قوات المشركين نحو المدينة، ولذلك استعد النبي - ﷺ - وشرع في أخذ العدة لمواجهة هذا الجيش العرمرم.
٢- حجم الجيش وقدرته القتالية وهذا يعين على وضع خطة تواجه هذه القوات الزاحفة.
إن النبي - ﷺ - لم يكتف بمعلومات المخابرات المكية، بل حرص على أن تكون معلوماته على هذا العدو متجددة مع تلاحق الزمن، وفي هذا إرشاد لقادة المسلمين إلى أهمية متابعة الأخبار التي يتولد عنها وضع خطط واستراتيجيات نافعة، فحين وصل جيش المشركين إلى مكان يقال له العرض(٣)، أرسل الرسول - ﷺ - الحباب بن المنذر فدخل بين جيش مكة وحزر عَدده وعُدده، ورجع وأخبر النبي - ﷺ -، ولما بلغ الجيش ذا الحليفة أرسل الرسول - ﷺ - عينين له وهما: ابنا فضالة، فاعترضا لقريش بالعقيق فسارا معهم حتى نزلوا بالوطاء ثم رجعا إلى المدينة وأخبرا الرسول - ﷺ - بذلك(٤).

(١) استوعبه: إذا أخذه أجمع.
(٢) مغازي الواقدي (١/٢٠٤).
(٣) العِرْض: هو الجرف، موضع في المدينة.
(٤) انظر: المغازي للواقدي (١/٢٠٦، ٢٠٨).


الصفحة التالية
Icon