نجد من خلال قصة حاطب أن النبي - ﷺ - له فقه عميق في معاملة أصحابه وحرص شديد على الوفاء لهم وإقالة عثرات ذوي السوابق الحسنة، لقد جعل - ﷺ - من ماضي حاطب - رضي الله عنه - المجيد سببا في العفو عنه.
من خلال الآيات القرآنية الكريمة والممارسة النبوية لهذا الباب تظهر الحاجة للحركات الإسلامية ودولها المسلمة لإيجاد أجهزة أمنية استخباراتية متطورة تحمي الإسلام والمسلمين من أعدائها اليهود والنصارى والملاحدة، وتعمل على حماية الصف المسلم في الداخل من اختراقات الأعداء فيه، وتجتهد لرصد أعمال المعارضين والمحاربين للإسلام حتى تستفيد القيادة من المعلومات التي تقدمها لها أجهزتها المؤمنة الأمينة، ولابد أن تؤسس هذه الأجهزة على قواعد منبعها القرآن الكريم والسنة النبوية وتكون أخلاق رجالها قمة رفيعة تمثل صفات رجال الأمن المسلمين.
إن اهتمام المسلمين بهذا الأمر يجنبها المفاجآت العدوانية، وقد كتب «صن تزو» مشيرا لأهمية ذلك:
«إذا عرفت العدو وعرفت نفسك فليس هناك ما يدعوك إلى أن تخاف نتائج
مائة معركة، وإذا عرفت نفسك ولم تعرف العدو، فإنك سوف تواجه الهزيمة في
كل معركة»(١).
إن بناء الأجهزة الأمنية ومكاتب المعلومات التي تقدم للقيادة التقارير لوضع الخطط المناسبة على أثرها ليس أمرا جديدا، بل هو موغل في تاريخ الإنسانية، وكذلك في تاريخ المسلمين.
إن من أسباب التمكين المهمة إعطاء هذا الأمر حقه من الاهتمام والارتقاء به وتطويره بما يناسب أحوال العصر الذي نحن فيه.
وبعد أن تكلمنا عن أسباب التمكين المعنوية والمادية لا أدعي أنني حصرتها وإنما تكلمت عن بعضها وإلا فإن الأسباب وحدها تحتاج إلى أبحاث مستقلة.