أما الثاني: فيقين المؤمن أن الموت والحياة بيد الله، وأنه لا ينجي حذر من قدر، وأن الأمة لو اجتمعت على أن يضروه بشيء لا يضروه إلا بشيء قد كتبه الله عليه، وأن الموت ليس بالإقدام وأن السلامة ليست بالإحجام، كما قال تعالى: ﴿أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِككُّمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُّشَيَّدَةٍ﴾ [النساء: ٧٨]، ومن هنا يتميز المؤمن عن غيره فبينما ترتجف القلوب وتنسكب الدموع، وتعلو التوسلات، وتقدم التنازلات، حرصا على الحياة نجد المؤمن كالطود الشامخ يهتف مع خبيب بن عدي قائلا:
ولست أبالي حين أقتل مسلما | على أي جنب كان في الله مصرعي |
أي يومي من الموت أفر | يوم لا يقدر أو يوم قدر |
يوم لا يقدر لا أرهبه | ومن المقدور لا ينجو الحذر(١) |
٢- الخشية من الله:
وهي من أعظم آثار الإيمان وأبرز أوصاف المؤمنين ﴿الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ وَهُم مِّنَ السَّاعَةِ مُشْفِقُونَ﴾ [الأنبياء: ٤٩].
﴿الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالاَتِ اللهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلاَ يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلاَّ اللهَ﴾ [الأحزاب: ٣٩].
وقدوتهم في ذلك النبي - ﷺ - حيث يقول: «إني لأخشاكم لله وأتقاكم له» (٢).
«والخشية أخص من الخوف، فهي خوف مقرون بمعرفة»(٣)، وعندما تعمر الخشية والخوف قلب الداعية المؤمن يتميز عن الغافلين والعابثين؛ لأن الخوف يحول بين صاحبه وبين محارم الله، قال إبراهيم بن سفيان: «إذا سكن الخوف القلوب أحرق مواضع الشهوات منها وطرد الدنيا عنها»(٤).
(١) انظر: مقومات الداعية الناجح، ص٣٧.
(٢) البخاري، كتاب النكاح، (الفتح ٩/١٠٤).
(٣) تهذيب مدارج السالكين، ص٢٦٩.
(٤) تهذيب مدارج السالكين، ص٢٧٠.
(٢) البخاري، كتاب النكاح، (الفتح ٩/١٠٤).
(٣) تهذيب مدارج السالكين، ص٢٦٩.
(٤) تهذيب مدارج السالكين، ص٢٧٠.