٥- الواقعون تحت تأثير الأوضاع والأعراف الخاطئة حتى ألفوها ورأوها صوابًا، وهناك أساليب كثيرة مستنبطة من الكتاب والسنة في إقامة الحجة العقلية واستخدام الأقيسة المنطقية وهي تعين الدعاة على التأثير في الناس وخصوصا عند التفكر العميق والتأمل الهادئ.
ومن هذه الأساليب المهمة:
أ- أسلوب المقارنة:
وذلك بعرض أمرين أحدهما هو الخير المطلوب الترغيب فيه، والآخر هو الشر المطلوب الترهيب منه، وذلك باستثارة العقل للتفكر في كلا الأمرين وعاقبتهما للوصول - بعد المقارنة(١) - ومن أمثلة ذلك:
١- قال جل وعلا:﴿أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَم مَّنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَاللهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ﴾[التوبة: ١٠٩].
قال القرطبي: «وهذه الآية ضرب مثلا لهم، أي من أسس بنيانه على الإسلام خير أم من أسس بنيانه على الشرك والنفاق، وبين أن بناء الكافر كبناء على جرف جهنم يتهور بأهله فيها، وفي هذه الآية دليل على أن كل شيء ابتدئ بنية تقوى الله تعالى والقصد لوجهه الكريم فهو الذي يبقى ويسعد به صاحبه ويصعد إلى الله ويرفع إليه»(٢).
٢- ومن الأمثلة النبوية التي تبين استخدام النبي - ﷺ - لأسلوب المقارنة قوله - ﷺ -: «إنما مثل الجليس الصالح والجليس السوء كحامل المسك، ونافخ الكير، فحامل المسك إما أن يحذيك وإما أن تبتاع منه، وإما أن تجد منه ريحًا طيبة، ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك وإما أن تجد منه ريحًا خبيثة» (٣).

(١) انظر: مقومات ا لداعية الناجح، ص٥٩، ٦٠.
(٢) تفسير القرطبي (٨/٢٦٥).
(٣) مسلم، كتاب البر والصلاة، باب: استحباب مجالسة الصالحين،(النووي) (٦/١٧٨)


الصفحة التالية
Icon