٣- عبادة الله من أعظم الوسائل لتربية الروح وأجلها قدرا، إذ العبادة هي غاية التذلل لله سبحانه، ولا يستحقها إلا الله وحده، ولذلك قال سبحانه: ﴿وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا﴾ [الإسراء: ٢٣].
والعبادات التي تسمو بالروح وتطهر النفس نوعان:
النوع الأول: العبادات المفروضة كالطهارة، والصلاة، والصيام، والزكاة،
والحج وغيرها.
النوع الثاني: العبادات بمعناها الواسع، الذي يشمل كل عمل يعمله الإنسان أو يتركه، بل كل شعور يقبل عليه الإنسان تقربًا به إلى الله تعالى، بل يدخل فيها كل شعور يطرده الإنسان من نفسه تقربا به إلى الله تعالى، مادامت نية المتعبد بهذا العمل هي إرضاء الله سبحانه وتعالى، فكل الأمور، مع نية التقرب إلى الله سبحانه وتعالى عبادة يثاب صاحبها، وتربى روحه تربية حسنة(١).
إن أثر تربية الروح يتمثل في أمور عديدة نشير إلى أهمها فيما يلي: توثيق صلة الإنسان بربه سبحانه وتعالى، وتوضيح صلة الإنسان بالكون وما فيه، وترشيد هذه الصلة، وتحبيب الإنسان لأخيه المسلم، وحرصه على هدايته وحب الخير له، وتحبيب الإنسان لمخلوقات الله كلها، والتعامل معها، وفق منهج الإسلام ونظامه، وتحبيب الإنسان في الخير عموما والتقرب به إلى الله، واستعلاء الإنسان على شهواته، وسيطرته على نزعاته، وتوجيه ذلك كله، وفق منهج الله، ونظامه في الحياة الدنيا، واستعلاء الإنسان على القوة المادية، وعدم الوقوع في أسرها، بل إعطاؤها حجمها الصحيح، ومكانها المناسب، وتتكون في العبد ملكة يستمد بها القوة من الله وحده(٢).
ثالثًا: التربية العقلية:

(١) انظر: فقه الدعوة إلى الله، د. علي عبد الحليم (١/٤٧٢، ٤٧١).
(٢) انظر: فقه الدعوة إلى الله، د. علي عبد الحليم (١/٤٧٢، ٤٧١).


الصفحة التالية
Icon