وأما قصة موسى عليه السلام مع فرعون، فتبين ضراوة الصراع بين الحق والباطل، والهدى والضلال، والإيمان والكفر، والنور والظلام، وتسلط الأضواء على استكبار فرعون وتجبره واستعباده عباد الله واستضعافهم واتخاذهم خدمًا وحشمًا وعبيدًا، وكيف أراد الله لبنى إسرائيل أن يرد إليهم حريتهم المسلوبة وكرامتهم المغصوبة، ومجدهم الضائع وعزهم المفقود، إن من يقف أمام إرادة الله فهو عاجز ضعيف، وهو فاشل مهزوم، وإن أعداء الله أينما كانوا هم إلى هزيمة وخسارة وهوان، وتبين لنا كيف انتقم الله من فرعون ونصر وليه موسى عليه السلام وقومه.
وأما قصة طالوت، فتوضح مرحلة مرت بها أمة بنى إسرائيل، فبعد أن وقعوا في المعاصي، وانحرفوا عن منهج الله وسلط الله عليهم الأعداء وأصاب بني إسرائيل ذل وخيم، ومرارة أليمة، وهزيمة عظيمة، وأرادوا أن يغيروا واقعهم المهين، وأن يبدلوا ذلهم عزة وهزيمتهم نصرًا، وعلموا أن السبيل لذلك هو الجهاد والقتال، فطلبوا من نبيهم أن يختار لهم ملكًا يتولى أمورهم، ويقودهم إلى العزة والنصر، ويقاتل لهم أعداءهم، في سبيل الله، فوقع خيار الله على طالوت ليكون ملكًا عليهم، ومن ثم يقودهم إلى النصر والعزة والتحرير، فاعترض الملأ على نبيهم قائلين: ﴿أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِّنَ الْمَالِ﴾، فبين لهم نبيهم أن الله اصطفاه عليهم، والله حكيم خبير، وإن الله زاده بسطة في العلم والجسم، وتسلم طالوت قيادة بنى إسرائيل وكانت قصة طالوت مع بنى إسرائيل من أروع القصص القرآني في بيان سنن الله في النهوض بالأمم المستضعفة، وما هي السمات والصفات المطلوبة للقيادة التي تتصدى لمثل هذه الأعمال العظيمة لتقوية الشعوب والنهوض بها نحو المعالي، وفق منهج رباني ووسائل عملية وتربوية عميقة على معاني الطاعة والثبات والتضحية والفداء من أجل العقيدة الصحيحة.